إذا شهدت بالتلف كان كمن ثبت له أصل مال واعترف الغريم بتلفه، وادعى مالا غيره فإنه يلزمه اليمين) وأفتي في موضع آخر منها بأنه لا يمين في الموضعين محتجا بأن فيه تكذيبا للشهود، ولقوله صلى الله عليه وآله (1) (البينة على المدعي واليمين على المنكر) والتفصيل قاطع للشركة.
ثم قال: (إن تلخيص الحكم في ذلك لا يخلو من اشكال، والفرق لا يخلو من نظر، وذلك لأن شهود تلف ماله إما أن تكون شهادتهم على تلف المال الظاهر لهم من غير معرفة لهم بحال باطن أمره، بحيث يحتمل أن يكون له مال آخر لم يتلف، كما هو الظاهر من قول الجماعة وتعليلهم المسألة وتصريحهم بعدم اعتبار كونهم من أهل الخبرة بحاله، ويشكل مع هذا ثبوت اعساره، لأن حاله بالنسبة إلى المال باطنا مجهول مطلقا، حتى لو فرضنا أن هذا المال الظاهر لم يكن له لم يناف ثبوت ماليته باطنا، والحال أنه لم يختبر، وإن أرادوا - بعدم اعتبار اطلاعهم على باطن أمره أن الحاكم لا يعتبر اطلاعه على ذلك، مع أن اطلاعهم معتبر في نفس الأمر اتكالا على عدالتهم، وأن العدل لا يجازف في شهادته كما صرح بهذا المعنى بعض الأصحاب أشكل الفرق بين الأمرين، لأن ذلك آت في الشهادة على مطلق الاعسار وتحويلها نحو الاثبات لئلا يتمحض النفي غير متوقف على هذا الشرط، فإن مرجعه إلى تحرير شهادتهم، لا إلى علمنا بإخبارهم، وحكم اليمين متفرع على ما قررنا، فإن اكتفينا في بينة التلف بالاطلاع علي ظاهر ماله، فلا بد من القول باليمين، لأنه يصير بهذه البينة كمن لا يعلم له أصل مال مع احتماله، ويتوجه عدم الافتقار إلى اليمين في بينة الاعسار المطلعة علي الحال، لأن ذلك أقصى ما يمكن اعتباره شرعا في التفحص، فلا يكلف مع البينة أمرا آخر، لأصالة البراءة أو لظاهر الخبر، وإن اعتبرنا اطلاع بينة التلف علي باطن أمره كما ذكره بعضهم توجه عدم اعتبار اليمين معها لما ذكرناه.
ويمكن أن يوجه كلام الجماعة الدال على عدم اعتبار الخبرة الباطنة في شهادة التلف لا بالنظر إلى الحاكم، ولا بالنظر إلى الشهود بأن هذا المديون لما كان يعرف