قال، لا، قال: فهل هو ثمن ضيعة بعتها؟ قال: لا، قال: فما هو؟ قال: بعت داري التي أسكنها لأقضي ديني، فقال محمد بن أبي عمير: حدثني ذريح المحاربي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لا يخرج الرجل عن مسقط رأسه بالدين، إرفعها لا حاجة لي فيها، والله إني لمحتاج في وقتي هذا إلى درهم واحد، وما يدخل ملكي منها درهم، وكان ذلك من ابن أبي عمير لكمال ورعه، وعلو همته، وإلا فليس مراد الصادق عليه السلام عدم بيع المالك برضاه، واختياره لوفاء دينه، إذ لا ريب في جوازه، بل لا أجد خلافا فيه، ويمكن دعوى الاجماع أو الضرورة على خلافه، بل المراد أنه لا يلزم بيعها ويجبر عليه، إذ لا يجب عليه شرعا الوفاء بها.
نعم قد يفهم من خبر عثمان بن زياد (1) أنه لا ينبغي لذي الدين أن يكون سببا لبيع المديون داره، ولو برضاه، أو يرضى له بذلك، قال: (قلت لأبي عبد الله عليه السلام إن لي على رجل دينا، وقد أراد أن يبيع داره فيقضي؟ فقال له أبو عبد الله: أعيذك بالله أن تخرجه من ظل رأسه، أعيذك بالله أن تخرجه من ظل رأسه، أعيذك بالله أن تخرجه من ظل رأسه).
وعلى كل حال فلا تباع الدار في الدين، لكن في خبر سلمة بن كهيل (2) (سمعت عليا عليه السلام يقول لشريح: أنظر إلى أهل المعل والمطل في دفع حقوق الناس من أهل القدرة واليسار، ممن يدلي بأموال المسلمين إلى الحكام، فخذ للناس بحقوقهم وبع فيه العقار والديار، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: مطل المسلم المؤسر ظلم للمسلمين، ومن لم يكن له عقار ولا دار ولا مال فلا سبيل عليه) وينبغي حمله على الموسر المماطل، أو على الزايد عن قدر الحاجة، أو على التقية، أو غير ذلك، وقد يلحق بالدار بيوت الأعراب، وبالجارية خدمة الأحرار، إذا كان من أهل ذلك، فيعزل من ماله حينئذ مقدار اجاراتهم، وستعرف في آخر المبحث أن مدار ذلك كله العسر والحرج، الشاملان لذلك وغيره مما يضطر إليه لمعايشه أو رفع النقص عنه.
وكيف كان فلو فرض كون الدار زائدة عما يحتاجه سكن ما احتاجه (ويباع