واحد، بل لعل الحاصل مما ذكرناه منها أربعة أقوال أو خمسة، وأن المشهور منها عدم وجوب التكسب حتى بالتقاط مباح لا يحتاج إلى تكلف، فيكون وجوب الوفاء عندهم مشروطا باتفاق حصول اليسار، ولا يجب عليه تحصيله وإن تمكن منه، تمسكا بالأصل وظاهر الآية (1) والرواية المعتضدة بما سمعت.
لكن فيه أن الأصل يقطعه ظهور أمر قضاء الدين في كونه واجبا مطلقا، والآية لا تدل على كونه مشروطا، ضرورة أنه يجب الأنظار إلى الميسرة، وإن وجب عليه تحصيلها مع التمكن منها، وكذا الرواية، بل إن كانت (حتى) فيها تعليلية أشعرت بالوجوب حينئذ، نعم هما معا ظاهران في خلاف خبر السكوني (2) الذي قال في السرائر: (أنه مخالف لأصول مذهبنا، ومحكم التنزيل) ضرورة أن الأنظار الذي هو بمعنى التأخير مناف لاستعماله في الدين ومؤاجرته، وكذا تخلية السبيل التي في الرواية فالقول حينئذ بوجوب السعي عليه في قضاء الدين بتكسب وغيره لا يخلو من قوة.
نعم لا يجب عليه ما كان منه فيه نقص عليه ومنة، ترجيحا لما دل على عدم تحمل المؤمن ذلك عليه، مع أنه لا يخلو من إشكال فيما إذا لم يصل إلى حد الحرمة لكون الواجب عليه هنا حق مخلوق أيضا يتضرر بعدم وصوله إليه، ودعوى - عدم وجوب السعي لعدم العلم بانتاجه القضاء الواجب، إذ قد يتخلف عنه، والواجب من المقدمة ما كان موصلا إلى ذي المقدمة - يدفعها أولا: أنه يمكن العلم عادة في بعض أفراد السعي بحصول قضاء جميع الدين أو بعضه، وثانيا: إن الأوامر المطلقة تقتضي التشاغل في مقدمات المأمور بها إلى أن يحصل العجز، ولا يجب العلم بالتوصل، كما أوضحنا ذلك في باب التيمم بالنسبة إلى طلب الماء فلاحظ وتأمل اللهم إلا أن يقال إن ذلك إن وجب فهو ليس من وجوب المقدمة لوجوب ذيها بل هو من الفهم العرفي من اطلاق الخطاب، ونمنع وجود خطاب هنا كذلك، وعلى