كذلك، إلا أنه غير مفروض الأصحاب فلا يكون تفصيلا فيه.
أما ما في جامع المقاصد فيصعب الفرق بينه وبين مفروض الأصحاب، والاقرار بعد أن كان الفعل من غير المقر قد يمنع الأخذ به، فتأمل جيدا.
نعم بقي شئ أشار إليه الشهيد في الدروس والحواشي وتبعه عليه غيره، وهو أن كلام الأصحاب يتم فيما إذا أطلق الدعويان ولم يعينا وقتا للبيع أو الرجوع، وأما إذا عينا وقتا واختلفا في الآخر فلا يتم، لأنهما إذا اتفقا على وقوع البيع يوم الجمعة مثلا، واختلفا في تقديم الرجوع عليه وعدمه، فالأصل التأخر، وعدم التقدم، فيكون القول قول الراهن، وينعكس الحكم لو اتفقا على عدم وقت الرجوع، واختلفا في تقدم البيع عليه وعدمه، وهذه مسألة تأخر مجهول التاريخ عن معلومه، وقد حققنا الكلام فيها في مقام آخر.
ولعل إطلاق الأصحاب هنا وفي مسألة الجمعتين ومسألة من اشتبه موتهم في التقدم والتأخر، ومسألة تيقن الطهارة والحدث وغيرها شاهد على أن أصالة التأخر إنما تقتضي بالتأخر على الاطلاق، لا بالتأخر عن الآخر ومسبوقيته به، إذ وصف السبق حادث، والأصل عدمه، فيرجع ذلك إلى الأصول المثبتة: وهي منفية، فأصالة الرهن هنا حينئذ بحالها، إلا أن الانصاف عدم خلو ذلك عن البحث والنظر، خصوصا في المقام فتأمل جيدا والله أعلم.
ولو كان التصرف المأذون فيه الذي اختلف في الرجوع به قبل وقوعه أو بعده انتفاعا كسكنى وركوب، ونحوهما، بناء على أن الواقع منهما بغير إذن يوجب أجرة تكون رهنا، فقد يقال: إن القول قول الراهن، لتعارض الأصلين فيبقى أصل براءة الذمة سالما هنا عن المعارض، اللهم إلا أن يقال إن الأصل في منافع الرهن على الضمان، فيكون واردا على أصل البراءة قاطعا له. ولو تلف العين، فوقع النزاع بينهما أن اتلافها كان قبل الرجوع أو بعده، فقد يقال: أيضا بتقديم قول الراهن، لأصالة البراءة أيضا من القيمة، إذ استصحاب الرهانة بعد انعدام الموضوع غير معقول، لكن قد يقوى خلافه، لأن التلف لا ينافي جريان الاستصحاب إلى حال التلف، فيكون رهنا