وثانيا: أن إتفاق الكل أو الجل، والكثير الموجب للعلم أو الاطمئنان غير حاصل. وكشف رأي المعصوم من ذلك كما هو أحد وجوه حجيته لا سبيل إليه، لما حققنا في محله، وفي فوائدنا في (قواعد الرجال) من عدم تمامية شئ من طرقه.
على أن كشفه من اتفاقهم على أمر فرع عدم دليل عقلي، أو شرعي من كتاب، أو سنة، أو حجة شرعية عليه. وهذا مما يختص بالأحكام الكلية التي لا يستفاد من شئ من ذلك، ولا مجال للتمسك به في الموضوعات الخارجية أيضا، إذ ليس على الشرع بيانها، مثل الاتفاق على العلم والوثاقة ونحوهما. والردع عن خطأ المجمعين إنما يجب فيما على الشرع بيانه لا في أمثال المقام.
وثالثا: أن ذلك إنما يفيد لو كان المراد من تصحيح ما صح عن هؤلاء تصحيح رواياتهم، وأنهم رووها عن الثقات، لا تصحيح أقوالهم من باب الأخذ بقول الفقيه.
وهذا محل نظر، فإن قوله: وانقادوا لهم بالفقه ونحوه، وقوله: وأفقه الأولين، وهكذا قوله: تصديقهم لما يقولون بدل لما يروون، يشهد للثاني.
ودعوى أن المتعارف في الصدر الأول وفي عصر هؤلاء رواية الحديث، وسماعه دون الاستنباط والإفتاء، مدفوع بأن الإفتاء بنص الحديث أو اختيار المقيد، أو الخاص، أو حمل المعارض على التقية أمر متعارف في ذلك العصر، وخاصة بالنسبة إلى هؤلاء، كما يظهر للمتأمل في رواياتهم وأقوالهم، وبساطة الاستنباط في العصر الأول لا تنكشف عن انسداد بابه.
ورابعا: أن إطلاق الصحيح على خبر غير معهود من أحد من أصحاب الاجماع، وترتيب آثاره، وإن شئت قلت: التصحيح بالحمل الشائع، فلا يدل على وثاقة من روى عنه، فإن صحة المدلول وثبوته لا تنحصر إحرازها بوثاقة المخبر.