عدم استقصاء النجاشي لمصنفات الإمامية:
أهمل النجاشي (رحمه الله) جماعة من مصنفي الإمامية وأعاظمهم ممن عاصره، أو قارب عصره، أو تقدم عليه، بل أهمل ذكر مثل الحسن بن محبوب السراد من أصحاب الإجماع، وقد كانت مشيخته من الكتب مشهورة ومعول عليها. وقد ذكر الشيخ في الفهرست جماعة منهم يجاوز عددهم المائة، وذكر كتبهم، وطريقه إليهم، وذكر جماعة منهم ابن شهرآشوب في معالم العلماء.
بل ذكر أسماء جماعة بلا ذكر كتب لهم، فذكر الحسن بن عطية الحناط (ر 93) وقال: ما رأيت أحدا من أصحابنا ذكر له تصنيفا، مع أن الشيخ (رحمه الله) ذكر في الفهرست إلى كتابه طريقا، وإن شئت فلاحظ تراجم الحسين بن عمر بن سلمان (ر 129)، وإسماعيل بن أبي زياد السلمي (ر 51)، وإسماعيل بن عمر بن أبان (ر 55). وقد ذكر الشيخ (رحمه الله) في الفهرست (ص 14) إسماعيل بن أبان مرتين وذكر أيضا طريقا إلى كتابهما.
ولعله (رحمه الله) عد الروايات أو النسخ لهم كتابا، ولذلك ذكرهم في المصنفين، أو وجدهم مذكورين في عداد المصنفين في كتب أصحابنا في الفهارس.
وقد اعتذر من عدم استقصاء المصنفين بعدم أكثر الكتب كما في الديباجة.
قلت: ولعل السبب في عدم وقوفه (رحمه الله) على ما وقف عليه الشيخ من الكتب، تأخر تأليف النجاشي كتاب الرجال عن الفتنة التي وقعت في بغداد سنة 448، فلم يتمكن من الكتب جميعها، إذ أحرقت مكتبة زعيم الطائفة الشيخ الطوسي (رحمه الله)، ونهبت داره، وضاع من تراث الشيعة وكتبهم وآثارهم كثيرا. وفيها أحرقت المكتبة الكبرى للشيعة التي أنشأها أبو نصر سابور بن أردشير وزير بهاء الدولة في الكرخ، سنة 381. وفي هذه المكتبة قد جمع ما تفرق من كتب علماء الأمصار وكتب البلاد، وقد زادت على عشرة آلاف من نفائس الآثار،