واعتبار التعدد في البينة قد ثبت بدليل آخر.
وعلى هذا فالرجوع إلى الرجالي من باب الرجوع إلى الراوي والمخبر، ففيما أخبر به من أحوال من أدركه من الرواة لا إشكال، وفي غيره قوله وإخباره بمنزلة رواية مرسلة. فإذا علم من طريقته أنه لا يرسل في ذلك إلا عن ثقة، فيعتمد عليه. وإن شئت قلت: إن قوله مثلا: زرارة ثقة، شهادة منه على الوثاقة، مستندة إلى رواية الثقات أو شهادتهم في جميع الطبقات.
وحينئذ فالعمدة إثبات التزام الرجالي بالاعتماد على الثقات، وعدم الرواية عمن لا يبالي بالحديث في جميع رجال السند، كي يكون قوله وإخباره بمنزلة رواية معتبرة عندنا، وإن كانت محذوفة الإسناد.
إعتبار قول المتأخرين من أهل الرجال:
اختار بعض الأعلام عدم حجية توثيق المتأخرين من أهل الرجال وجرحهم. بل يظهر منه عدم حجية قول مثل ابن طاووس، والمحقق، والعلامة، وابن داود، وأمثالهم من المتأخرين قدس سرهم. بدعوى كثرة أخطائهم، وخصوصا العلامة (رحمه الله)، وأن المتأخرين نقلة لمن تقدم فيما لهم توثيق أو جرح، وفي غير ذلك استعملوا الرأي والاجتهاد لا محالة، ولا دليل على اعتبار رأيهم.
قلت: فيه أولا: منع أكثرية خطأ المتأخرين، بل الأمر بالعكس، كما هو ظاهر بالتأمل في كلامهم في الرجال والفقه وغيرهما.
وثانيا: إن تم دليل حجية قول أهل الرجال فالفرق بلا دليل وفي غير محله. وكون الخطأ في أقوال العلامة أكثر من غيره عهدته على مدعيه. ولو سلم أن كثرة مشاغله، وتفننه في العلوم، وكثرة تأليفاته، وغير ذلك، ربما أوجب الخطأ بما ليس في كلام غيره. فلا يوجب التوقف في الأخذ بكلامه، كما لا يوجب