بل نبه النجاشي على من روى قليلا عن الضعاف. ففي ترجمة علي بن الحسن بن فضال (ر 676) قال: كان فقيه أصحابنا بالكوفة، ووجههم، وثقتهم، وعارفهم بالحديث، والمسموع قوله فيه. سمع منه شيئا كثيرا، ولم يعثر له على زلة فيه ولا شينة. وقل ما روى عن ضعيف، وكان فطحيا...، إلخ، فنبه على ما وقف عليه من الطعن مذهبا ورواية عن الضعيف نادرا.
وبالجملة فمن تأمل في كلام الأصحاب في المقام، وجد في نفسه أن مدعي ظهور إطلاق قولهم ثقة في الخلو عن الطعن الظاهر بأحد الوجوه المتقدمة غير مجازف.
فيؤخذ بالظهور فيما لم ينبه على خلافه، أو على عدم تسالم الأصحاب عليه. وإن أبيت عن ذلك لبعض ما يرد عليه مما فصلناه في فوائدنا في (قواعد الرجال)، فلا إشكال في ظهور قولهم: ثقة في الحديث فيما ذكرنا. إذ بعد التقييد المذكور إشعارا بعدم الوثاقة إما من جهة المذهب أو غير ذلك، يكون المدح به إشارة إلى خلو رواياته عما يوجب الطعن فيها. وهذا بعد التصريح كثيرا في كلامهم عند المدح بذلك بالاستقامة في الدين، أو صحة المذهب، أو صحة الاعتقاد، أو وضوح الطريقة وغيرها مما يؤكد ذلك. وتمام الكلام في ذلك وفيما يرد عليه وفيمن ورد المدح فيه بذلك في فوائدنا في (قواعد الرجال).
أصحاب الاجماع:
ومما قيل: إنه من أمارات الوثاقة والرواية عن الثقات الدخول في أصحاب الاجماع. وإن رواية أصحاب الاجماع عن رجل لا يعرف له قدح أو ذم أمارة على وثاقته، حيث إدعي إجماع العصابة على تصحيح ما يصح عن جماعة من أجلاء الرواة وتصديقهم لما يقولون، وانقادوا وأقروا لهم بالفقه والعلم.