رواه من في طريقه، أو المطابقة للقواعد والأدلة، أو للأصول المشهورة المدونة في عصر الصادقين (عليهما السلام) أو بعدهما، أو لغير ذلك من شواهد الصحة عندهم.
وقد قيل: إن الصحيح عند القدماء ما كان موثوقا بصحته وإن كان لمطابقته للأصول.
قلت: من تأمل في كلام شيخ الطائفة في كتاب العدة باب القرائن الدالة على صحة الأخبار، وما ذكره في هذا الباب من القرائن، وكذا في كلام جماعة من القائلين بعدم جواز العمل بأخبار الآحاد إلا إذا كانت محفوفة بقرائن الصحة، وما ذكروه من القرائن كما أشرنا إليها في محله، ظهر له أن تصحيح الطريق بإطلاقه لا يدل على وثاقة رجاله.
هذا مع اختلاف أصحاب الحديث الكوفيين والقميين، في الجرح والتعديل والتضعيف والتصحيح بما لا يخفى على المتأمل. وإعمال الرأي مع اختلافهم في ذلك يمنع عن الأخذ بتصحيحهم أو تضعيفهم.
وقد مر سابقا أن الرجوع إلى أصحاب الرجال إنما هو من باب الرواية لا الرجوع إلى أهل الخبرة.
ولذلك يمكن الفرق بين توثيق الراوي وبين تضعيفه، بدعوى أن التوثيق في كلام الأصحاب ولا سيما الأقدمين ظاهر في الشهادة على الوثاقة، للعلم الوجداني أو سماع أو رواية، فإذا علم من طريقتهم أنهم لا يعتمدون على رواية ضعيفة صح الاعتماد على توثيقهم. وأما التضعيف فلا يكون أمارة على عدم الوثاقة في النقل، لاختلاف أسبابه من عدم الوثوق به في إخباره ونقله، أو في مذهبه، أو طريقته في الحديث، بما أشرنا إليه سابقا من وجوه الضعف في رواياته مما يختلف فيه الأنظار وكلمات الأصحاب.
قلت: والتحقيق مع ذلك كله أن الأمر يدور مدار مذهب من وثق الراوي