المأمون في الحديث:
ومما يمكن أن يكون أمارة الوثاقة أو قيل بها، رواية من عرف بأنه مأمون في الحديث عن رجل لا يعرف حاله، بدعوى أن من لا يبالي بالحديث، ويروي عمن سمع منه من مجهول أو ضعيف أو وضاع لا يكون مأمونا في الحديث. وفي ذلك إشكال، وتمام الكلام فيه وفيمن عرف بذلك في فوائدنا في (قواعد الرجال).
من كان ثقة في الحديث:
ومما يشير إلى الرواية عن الثقات، والتحرز فيها عن الضعاف المدح بالوثاقة في الحديث. وقد مدح أئمة الرجال جماعة بقولهم: ثقة في الحديث. كما مدح النجاشي بذلك جماعة يقارب عددهم الأربعين، بل يمكن القول بأن قولهم:
ثقة بلا تقييد بالحديث أو غمز من وجه، ظاهر بإطلاقه في الوثاقة في الحديث أيضا، إذ لا يكون ثقة بنحو الإطلاق إلا إذا اجتنب عن رواية الضعاف.
بيان ذلك: أن الثبت والقوة والأحكام وعدم الزوال والاضطراب، كما هي الوثاقة أو من لوازمها، لا يتحقق في الموثوق به إلا مع سلامته عن الجنون، ونحوه من موانع الالتزام والثبات، ومع معرفة الحق والالتزام به وبالجري عليه في مقام العمل.
ثم إن الوثوق والثبات في أمر من شؤون الموثوق به لا يلازمه في جميع أموره، كما هو واضح. فقد يكون الرجل ثقة غير مضطرب في مذهبه، ولا يكون ثقة في الجري على مذهبه بإتيان ما أوجبه عليه، أو ترك ما حرمه عليه كالفاسق، فلا يعتمد ولا يؤتمن عليه في قوله، فإنه لا يتحرز من الكذب إلا إذا التزم في نفسه بترك القبيح، ولذا قد يكون في الفاسق والكافر من لا يكذب