قلنا: لا يلزم من عدم التنصيص في آحاد الصور من أهل اللغة على التسمية أن يكون كما ذكروه، بل ثم قسم ثالث: وهو أن تنص العرب نصا كليا على جواز إطلاق الاسم الحقيقي على كل ما كان بينه وبينه علاقة منصوص عليها من قبلهم، كما بيناه. ولا معنى للمجاز إلا هذا. وهو غير خارج عن لغتهم.
فإن قيل: لو كان الامر على ما ذكرتموه، لكان المنع منهم متحققا مع وجود المطلق، وهو تعارض مخالف للأصل بخلاف ما ذكرناه.
قلنا: أمكن أن يكون المطلق ما ذكرناه مشروطا بعدم ظهور المنع، ومع ظهور المنع، فلا مطلق، وفيه عوص.
واحتج النافون بأن إطلاق المجاز مما لا يفتقر إلى بحث ونظر دقيق في الجهات المصححة في التجوز. والامر النقلي لا يكون كذلك، وأيضا فإنه لو كان نقليا لما افتقر فيه إلى العلاقة بينه وبين محل الحقيقة، بل لكان النقل فيه كافيا.
ولقائل أن يقول: أما الأول، فالنظر ليس في النقل بل في العلاقة التي بين محل التجوز والحقيقة. وأما الثاني، فلان الافتقار إلى العلاقة إنما كان لضرورة توقف المجاز، من حيث هو مجاز عليها. وإلا كان إطلاق الاسم عليه من باب الاشتراك، لا من باب المجاز. وإذا تقاومت الاحتمالات في هذه المسألة، فعلى الناظر بالاجتهاد في الترجيح.