الدابة والشارع له ولاية هذا التصرف، كما لأهل اللغة، ويخص الصلاة أن أفعالها، إنما سميت صلاة، لكونها مما يتبع بها فعل الامام. فإن التالي للسابق من الخيل يسمى مصليا، لكونه تابعا، ويخص الزكاة أن تسمية الواجب زكاة باسم سببه، والتجوز باسم السبب عن المسبب جائز لغة. والمجاز من اللغة لا من غيرها.
قلنا: أما الحروف فإنها إذا كانت أسماء لآحاد السور، فهي أعلام لها، وليست لغوية. فقد اشتمل القرآن على ما ليس من لغة العرب. وما ذكروه في العبادات الحادثة في الشرع فإنما يصح، أن لو لم تكن قد أطلق عليها أسماء لم تكن العرب قد أطلقتها عليها. ويدل على هذا الاطلاق ما ذكر من الآيات، قولهم: إن هذه الأسماء محمولة على موضوعاتها لغة: غير أن الشارع شرط في إجزائها شروطا لا تصح بدونها، فإن مسمى الصلاة في اللغة هو الدعاء.
وقد يطلق اسم الصلاة على الافعال التي لا دعاء فيها. كصلاة الأخرس الذي لا يفهم الدعاء في الصلاة حتى يأتي به. وبتقدير أن يكون الدعاء متحققا، فليس هو المسمى بالصلاة وحده. ودليله أنه يصح أن يقال إنه في الصلاة حالة كونه غير داع، ولم كان هو المسمى بالصلاة لا غير، لصح عند فراغه من الدعاء أن يقال:
خرج من الصلاة. وإذا عاد إليه، يقال: عاد إلى الصلاة. وأن لا يسمى الشخص مصليا حالة عدم الدعاء مع تلبسه بباقي الافعال. وكل ذلك خلاف الاجماع.
قولهم: تسمية هذه الأفعال بهذه الأسماء إنما هو بطريق المجاز.
قلنا: الأصل في الاطلاق الحقيقة.
وقولهم: إن الدعاء جزء من هذه الأفعال. والشئ قد يسمى باسم جزئه.
قلنا: كل جزء أو بعض الاجزاء: الأول ممنوع، والثاني مسلم.
ولهذا فإن العشرة لا تسمى خمسة، ولا الكل جزءا، وإن كان بعضه يسمى جزءا، إلى أمثلة كثيرة لا تحصى.