معرفة الله تعالى وصفاته، وصدق رسوله فيما جاء به، وغير ذلك مما لا يعرف في غير علم الكلام.
وأما علم العربية: فلتوقف معرفة دلالات الأدلة اللفظية، من الكتاب، والسنة، وأقوال أهل الحل والعقد من الأمة، على معرفة موضوعاتها لغة، من جهة الحقيقة، والمجاز، والعموم، والخصوص، والاطلاق، والتقييد، والحذف، والاضمار، والمنطوق، والمفهوم، والاقتضاء، والإشارة، والتنبيه، والايماء، وغيره، مما لا يعرف في غير علم العربية.
وأما الأحكام الشرعية: فمن جهة أن الناظر في هذا العلم، إنما ينظر في أدلة الأحكام الشرعية، فلا بد أن يكون عالما بحقائق الاحكام، ليتصور القصد إلى إثباتها ونفيها، وأن يتمكن بذلك من إيضاح المسائل، بضرب الأمثلة، وكثرة الشواهد، ويتأهل بالبحث فيها للنظر والاستدلال.
ولا نقول إن استمداده من وجود هذه الأحكام ونفيها في آحاد المسائل، فإنها من هذه الجهة لأثبت لها بغير أدلتها، فلو توقفت الأدلة على معرفتها من هذه الجهة، كان دورا ممتنعا.
وأما مبادئه: فاعلم أن مبادئ كل علم هي التصورات والتصديقات المسلمة في ذلك العلم، وهي غير مبرهنة فيه، لتوقف مسائل ذلك العلم عليها. وسواء كانت مسلمة في نفسها كمبادئ العلم الاعلى، أو غير مسلمة في نفسها، بل مقبولة على سبيل المصادرة، أو الوضع، على أن تبرهن في علم أعلى من ذلك العلم، وما هذه المبادئ في علم الأصول؟ فنقول:
قد عرف أن استمداد علم أصول الفقه، إنما هو من علم الكلام، والعربية، والأحكام الشرعية. فمبادئه غير خارجة عن هذه الأقسام الثلاثة، فلنرسم في كل مبدأ قسما: