مقطوعا به، وما وافقه من قول باقي الأمة أيضا يكون مقطوعا به لكونه موافقا للمقطوع به ومخالف القاطع مخط لا محالة.
ولقائل أن يقول: أما الحجة الأولى، فالعادة لا تحيل الخطأ على الخلق الكثير بظنهم ما ليس قاطعا قاطعا. ولهذا، فإن اليهود والنصارى، مع كثرتهم كثرة تخرج عن حد التواتر، قد أجمعوا على تكذيب محمد عليه السلام وإنكار رسالته. وليس ذلك إلا لخطئهم في ظن ما ليس قاطعا قاطعا.
وبالجملة فإما أن يقال باستحالة الخطأ عليهم فيما ذهبوا إليه، أو لا يقال باستحالته، فإن كان الأول لزم أن لا يكون محمد نبيا حقا لاجماعهم على تكذيبه، وإن كان الثاني فهو المطلوب.
فإن قيل: ما ذكرتموه في إبطال التمسك هاهنا بالعادة لازم عليكم فيما ذكرتموه في الاحتجاج بالسنة على كون الاجماع حجة، فإن حاصله آئل إلى الاحتجاج بالعادة وفيه إبطال ما قررتموه.
قلنا: الذي تمسكنا به من العادة إحالة اتفاق الأمة على إسناد المقطوع إلى الاخبار التي مستند العلم بها وبمدلولها السماع المحسوس أو قرائن الأحوال، والذي لا نحيله في العادة ههنا إنما هو الغلط بظن ما ليس مقطوعا مقطوعا به، فيما هو نظري وطرقه مختلفة، وهو غير محسوس ولا مستند العلم به قرائن الأحوال، فافترق البابان.