والجواب: عن الوجه الأول: أنه وإن كان يجب على العامي الرجوع إلى أقوال العلماء، فليس في ذلك ما يدل على أن أقوال العلماء دونه حجة قاطعة على غيرهم من المجتهدين من بعدهم لجواز أن يكون الاحتجاج بأقوالهم على من بعدهم مشروطا بموافقة العامة لهم، وإن لم يكن ذلك شرطا في وجوب اتباع العامة فيما لهم يفتون به.
وعن الثاني: أنه وإن كان لا بد في الاجماع من الاستدلال لكن من أهل الاستدلال أو مطلقا: الأول مسلم، والثاني ممنوع، وعلى هذا فلا يمتنع أن تكون موافقة العامة للعلماء المستدلين شرطا في جعل الاجماع حجة، وإن لم يكن العامي مستدلا، ولا يلزم من عدم اشتراط موافقة الصبيان والمجانين عدم اشتراط موافقة العامة، لما بينهما من التفاوت في قرب الفهم في حق العامة، الموجب للتكليف، وبعده في حق الصبيان والمجانين، المانع من التكليف.
وعن الثالث: أنه، وإن كان قول العامي في الدين من غير دليل خطأ، فلا يمنع ذلك من كون موافقته للعلماء في أقوالهم شرطا في الاحتجاج بها على غيرهم.
وعن الرابع: أنه دعوى لم يقم عليها دليل.
وعن الخامس: أن العامي، وإن لم يكن من أهل الاجتهاد فلا يمتنع أن تكون موافقته من غير استدلال شرطا في كون الاجماع حجة.