وعن السؤال الثالث: ما سبق في المسائل المتقدمة.
وعن الرابع: أنه إذا ثبت انتقاء الخطأ عن الاجماع فيما ذهبوا إليه قطعا فمخالفه يكون مخطئا قطعا. والمخطئ. قطعا في أمور الدين إذا كان عالما به لا يخرج عن التبديع والتفسيق. ولا معنى لكون الاجماع حجة على الغير سوى ذلك.
كيف وإنه إذا ثبت انتفاء الخطأ عن أهل الاجماع فيما ذهبوا إليه، فقد أجمعوا على وجوب اتباعهم فيما ذهبوا إليه، فكان واجبا، نفيا للخطأ عنهم، وعن المعارضات النقلية ما سبق في أول المسألة.
وأما المعقول فهو أن الخلق الكثير، وهم أهل كل عصر إذا اتفقوا على حكم قضية وجزموا به جزما قاطعا، فالعادة تحيل على مثلهم الحكم الجزم بذلك والقطع به، وليس له مستند قاطع بحيث لا يتنبه واحد منهم إلى الخطأ في القطع بما ليس بقاطع. ولهذا وجدنا أهل كل عصر قاطعين بتخطئة مخالف ما تقدم من إجماع من قبلهم، ولولا أن يكون ذلك عن دليل قاطع، لاستحال في العادة اتفاقهم على القطع بتخطئة المخالف ولا يقف واحد منهم على وجه الحق في ذلك.
ومن سلك هذه الطريقة المعنوية لم ير انعقاد الاجماع عندما إذا كان عدد المجمعين ينقص عن عدد التواتر. ويلزمه أن لا يكون الاجماع المحتج به خصيصا بإجماع أهل الحل والعقد من المسلمين، بل هو عام في إجماع كل من بلغ عددهم عدد التواتر، وإن لم يكونوا مسلمين، فضلا عن أهل الحل والعقد.
وقد احتج الشيعة على صحة الاجماع بأن ما من عصر إلا ولا بد فيه من إمام معصوم على ما قررناه من قاعدتهم في ذلك في أبكار الأفكار فإذا أجمع أهل الحل والعقد من أهل العصر على حكم حادثة فلا بد وأن يكون فيهم الامام المعصوم، لكونه سيد العلماء، وإلا لما كان الاتفاق من جميع أهل الحل والعقد، وهو خلاف الفرض. وإذا كان كذلك، فالامام المعصوم لا يقول إلا حقا