والجواب عن المعارضة الأولى أنه، وإن كان دليل التابعين معلوما للصحابة، غير أنه لا يمتنع أن تكون واقعة الحكم لم تقع في زمن الصحابة، فلم يتعرضوا لحكمها، وإنما وقعت في زمن التابعين، فتعرضوا لاثبات حكمها بناء على ما وجدوه من الدليل الذي كان معلوما للصحابة.
وعن الثانية: أن الأدلة الدالة على كون الاجماع حجة لا تفرق بين أهل عصر وعصر.
وقوله عليه السلام: أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم لا يدل على عدم الاهتداء بغيرهم إلا بطريق مفهوم اللقب، والمفهوم ليس بحجة فضلا عن مفهوم اللقب على ما سيأتي في مسائل المفهوم.
وكذلك الكلام في قوله: اقتدوا بالذين من بعدي أبي بكر وعمر كيف وأن ذلك مما يوجب كون إجماع أبي بكر وعمر مع مخالفة باقي الصحابة لهم حجة قاطعة، وهو خلاف الاجماع من الصحابة.
قولهم إنه ذم أهل الاعصار المتأخرة.
قلنا: غاية ما في ذلك غلبة ظهور الفساد والكذب، وليس فيه ما يدل على خلو كل عصر ممن تقوم الحجة بقوله، وأنه إذا اتفق أهل ذلك العصر على حكم يكونون معصومين عن الخطأ فيه.
وعن الثالثة: ما سبق في مسألة تصور الاطلاع على إجماعهم ومعرفتهم.
وعن الرابعة: أنه إن أجمع الصحابة على تجوير الخلاف مطلقا فلا يتصور انعقاد إجماع التابعين على الحكم في تلك المسألة، لما فيه من التعارض بين الاجماعين القاطعين.، وإن أجمعوا على تسويغ الاجتهاد مشروطا بعدم الاجماع، فلا تناقض.
وعن الخامسة: أنها منتقضة بالواحد من الصحابة، فإنه لو مات انعقد الاجماع