وعن الخبر الخامس: أنه لا دلالة له على وجوب، بل الشعر في حقه عليه السلام، ولا حق غيره. ولعله أراد بذلك الكفاية في الكمال، لا في الوجوب، بل وجوب البل إنما هو مستفاد من قوله عليه السلام: بلوا الشعر وانقوا البشرة.
وعن الخبر السادس من وجهين:
الأول أن فعله وقع بيانا لقوله عليه السلام: خذوا عني مناسككم ولا نزاع في وجوب اتباع فعله، إذا ورد بيانا لخطاب سابق، بل وهو أبلغ من دلالة القول المجرد عن الفعل، لكون الفعل ينبئ عن المقصود عيانا، بخلاف القول، فإنه لا يدل عليه عيانا.
الثاني أن وجوب التحلل وقع مستفادا من أمر النبي عليه السلام لهم بذلك.
غير أنهم كانوا يرتقبون إنجاز ما وعدهم الله به من الفتح والظهور على قريش في تلك السنة، وأن ينسخ الله عنهم الامر بالتحلل وأداء ما كانوا فيه من الحج. فلما تحلل عليه السلام، آيسوا من ذلك فتحللوا.
وعن الاحتجاج بالاجماع الأول لا نسلم أن وجوب الغسل من التقاء الختانين كان مستفادا من فعل رسول الله، بل من قوله عليه السلام: إذا التقى الختانان، وجب الغسل وسؤال عمر لعائشة إنما كان ليعلم أن فعل النبي هل وقع موافقا لامره، أم لا.
وعن الثاني أن تقبيل عمر الحجر إنما كان مستفادا من فعل رسول الله المبين لقوله: خذوا عني مناسككم كيف وأن تقبيل الحجر غير واجب على النبي عليه السلام، ولا على غيره، بل غايته أن فعل النبي عليه السلام يدل على ترجيح فعله على تركه من غير وجوب. وذلك مما لا ننكره، ولا ننكر مشاركة الأمة له في ذلك.