إني أظل عند ربي يطعمني ويسقيني فأقرهم على ما فهموه من مشاركتهم له في الحكم، واعتذر بعذر يختص به.
وأيضا ما روي عنه أنه لما سألته أم سلمة عن قبلة الصائم، فقال لها: لم لم تقولي لهم إني أقبل وأنا صائم ولو لم يكن متبعا في أفعاله، لما كان لذلك معنى.
وأيضا ما روي عنه أنه، لما سألته أم سلمة عن بل الشعر في الاغتسال، قال:
أما أنا فيكفيني أن أحثو على رأسي ثلاث حثيات من ماء وكان ذلك جوابا لها. ولولا أنه متبع في فعله، لما كان جوابا لها.
وأيضا ما روي عنه أنه أمر الصحابة بالتحلل بالحلق والذبح، فتوقفوا، فشكا ذلك إلى أم سلمة، فأشارت إليه بأن يخرج وينحر ويحلق، ففعل ذلك، فذبحوا وحلقوا. ولولا أن فعله متبع، لما كان كذلك.
وأما من جهة الاجماع فما روي عن الصحابة أنهم، لما اختلفوا في الغسل من غير إنزال، أنفذ عمر إلى عائشة، رضي الله عنها، وسألها عن ذلك، فقالت: فعلته أنا ورسول الله، واغتسلنا فأخذ عمر والناس بذلك. ولولا أن فعله متبع، لما ساغ ذلك.
وأيضا ما روي عن عمر، رضي الله عنه، أنه كان يقبل الحجر الأسود، ويقول: إني أعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أنني رأيت رسول الله يقبلك، لما قبلتك وكان ذلك شائعا فيما بين الصحابة من غير نكير، فكان إجماعا على اتباعه في فعله.
وأما من جهة المعقول، فمن خمسة أوجه:
الأول: هو أن فعله احتمل أن يكون موجبا للفعل علينا، واحتمل أن لا يكون موجبا. والحمل على الايجاب أولى لما فيه من الامن والتحرز عن ترك الواجب.
ولذلك فإنه لو نسي صلاة من خمس صلوات من يوم، فإنه يجب عليه إعادة الكل حذرا من الاخلال بالواجب. وكذلك من طلق واحدة من نسائه، ثم نسيها، فإنه يحرم عليه جميعهن نظرا إلى الاحتياط.