بطريق تلقي آحاد آياته من الآحاد. ولذلك اختلفت مصاحف الصحابة. ولو كان قد ألقاه إلى جماعة تقوم الحجة بقولهم، لما كان كذلك.
ولهذا أيضا اختلفوا في البسملة أنها من القرآن. وأنكر ابن مسعود كون الفاتحة والمعوذتين من القرآن.
سلمنا وجوب ذلك على النبي عليه السلام وأنه سمعه منه جمع تقوم الحجة بقولهم، ولكن إنما يمتنع السكوت عن نقله على الكل لعصمتهم عن الخطأ، ولا يمتنع ذلك بالنسبة إلى بضعهم، وإذا كان ابن مسعود من جملتهم، وقد روى ما رواه، فلم يقع الاتفاق من الكل على الخطأ بالسكوت. وعند ذلك فيتعين حمل روايته لذلك في مصحفه على أنه من القرآن، لان الظاهر من حاله الصدق ولم يوجد ما يعارضه.
غايته أنه غير مجمع على العمل به، لعدم تواتره وإن لم يصرح بكونه قرآنا، أمكن أن يكون من القرآن وأمكن أن لا يكون لكونه خبرا عن النبي عليه السلام، وأمكن أن يكون لكونه مذهبا له كما ذكرتموه، وهو حجة بتقدير كونه قرآنا، وتقدير كونه خبرا عن النبي عليه السلام. وهما احتمالان وإنما لا يكون حجة بتقدير كونه مذهبا له، وهو احتمال واحد، ولا يخفى أن وقوع احتمال من احتمالين، أغلب من وقوع احتمال واحد بعينه.
سلمنا أنه ليس بقرآن، وأنه متردد بين الخبر وبين كونه مذهبا له. إلا أن احتمال كونه خبرا راجح، لان روايته له موهم بالاحتجاج به. ولو كان مذهبا له لصرح به، نفيا للتلبيس عن السامع المعتقد كونه حجة، مع الاختلاف في مذهب الصحابي هل هو حجة أم لا.
والجواب: أما وجوب إلقائه على عدد تقوم الحجة بقولهم، فذلك مما لم يخالف فيه أحد من المسلمين، لان القرآن هو المعجزة الدالة على صدقه، عليه السلام، قطعا ومع عدم بلوغه إلى من لم يشاهده بخبر التواتر، لا يكون حجة قاطعة بالنسبة إليه، فلا يكون حجة عليه في تصديق النبي عليه السلام، ولا يلزم من عدم بلوغ حفاظ القرآن في زمن النبي عليه السلام، عدد التواتر أن يكون الحفاظ لآحاد آياته كذلك.