فإن قيل: لو كانت التسمية آية من القرآن في أول كل سورة، لم يخل إما أن يشترط القطع في إثباتها، أو لا يشترط. فإن كان الأول، فما ذكرتموه من الوجوه الدالة غير قطعية بل ظنية، فلا تصلح للاثبات وأيضا فإنه كان يجب على النبي عليه السلام أن يبين كونها من القرآن حيث كتبت معه بيانا شافيا شائعا قاطعا للشك، كما فعل في سائر الآيات وإن كان الثاني، فليثبت التتابع في صوم اليمين بما نقله ابن مسعود في مصحفه.
قلنا: الاختلاف فيما نحن فيه لم يقع في إثبات كون التسمية من القرآن في الجملة، حتى يشترط القطع في طريق إثباتها، وإنما وقع في وضعها آية في أوائل السور والقطع غير مشترط فيه. ولهذا وقع الخلاف في ذلك من غير تكفير من أحد الخصمين للآخر، كما وقع الخلاف في عدد الآيات ومقاديرها.
قولهم كان يجب على النبي عليه السلام، بيان ذلك بيانا قاطعا للشك.
قلنا: ولو لم تكن من القرآن لتبين ذلك أيضا بيانا قاطعا للشك، كما فعل ذلك في التعوذ، بل أولى من حيث إن التسمية مكتوبة بخط القرآن في أول كل سورة، ومنزلة على النبي عليه السلام مع أول كل سورة، كما سبق بيانه، وذلك مما يوهم أنها من القرآن، مع علم النبي عليه السلام بذلك، وقدرته على البيان، بخلاف التعوذ.
فإن قيل: كل ما هو من القرآن فهو منحصر يمكن بيانه، بخلاف ما ليس من القرآن، فإنه غير منحصر فلا يمكن بيان أنه ليس من القرآن، فلهذا قيل بوجوب بيان ما هو من القرآن، دون ما ليس من القرآن.