لاستناد الاستنباط لها أحيانا - كما في المورد السابق - بدون ضم كبريات أصولية أخرى، كذلك يمكن إدخال كثير من البحوث اللغوية في علم الأصول بنفس الملاك المذكور، فمثلا ظهور كلمة الصعيد وظهور كلمة لا ينبغي أو لا يصلح وما شاكل قد تعد من المسائل الأصولية أيضا، لأنها قد ترد في خبر مقطوع الصدور مع كون سامعه مقصودا بالافهام وواجدا للظن بالوفاق فلا يحتاج مقام الاستنباط بعد الاعتماد عليها الا لكبري حجية الظهور، والمفروض كونها قانونا عقلائيا مسلما لا مسألة أصولية فينطبق الضابط للمسألة الأصولية ولموضوع علم الأصول عليها، مع أنه لم يقل بذلك أحد من الأصوليين.
الا أن يقال في جواب ذلك بوجود الفارق بين الظهورات المبحوث عنها في علم الأصول وبين الظهورات التي يتعرض لها الفقيه في مقام استنباط الحكم الشرعي، وهو ما أشار له صاحب الكفاية - في مبحث البراءة عند حصر الأصول العملية في الأصول الأربعة المعروفة وعدم شمولها لمثل قاعدة الطهارة - من كون الأصول الأربعة عنصرا مشتركا في عمليات الاستنباط للحكم الشرعي بخلاف قاعدة الطهارة فهي عنصر خاص بباب الطهارة دون غيره، فكذلك في محل كلامنا فإن الظهورات المبحوث عنها في الأصول كظهور صيغة الامر وظهور المشتق عناصر مشتركة بين عمليات الاستنباط بخلاف ظهور لفظ الصعيد مثلا فهو خاص بباب التيمم لون غيره (1)، فلا وجه لقياس الظهورات اللغوية على بحوث صغريات أصالة الظهور.
ولكن مع ذلك يمكن الملاحظة على ذلك من زاويتين:
الأولى: إنه ينبغي أن يقال في تحديد المسألة الأصولية وموضوع علم الأصول أن أصولية القانون متقومة بقيدين، عدم اختصاصه بباب دون آخر