فهذه المجالات تختلف في محور الحجية فيها.
المجال الأول في الاحتمال:
إن العقلاء في معاملاتهم العامة والخاصة يمارسون عملية المقارنة بين درجة الاحتمال ودرجة المحتمل، والشرع الشريف قد اعتبر أحكامه بمنزلة مقاصد الانسان، فكما يتعامل الانسان، مع مقاصده الخاصة والعامة بالتأمل في درجة الاحتمال والمحتمل فكذلك يتعامل مع الأحكام الشرعية المحتملة بمقتضى اقرار الشرع وإمضائه.
والاحتمال ينقسم لخمسة أقسام:
أ - الاحتمال بدرجة لا تحتمل الخلاف أصلا وهو المعبر عنه بالقطع الذي ذهب معظم علماء الأصول للقول بحجيته الذاتية، ونحن نقول بالحجية العقلائية كما سيأتي بحثه في محله.
ب - الاحتمال الواصل لدرجة يكون احتمال الخلاف احتمالا وهميا لا يعتنى به، وهذا هو المعبر عنه بالاطمئنان والوثوق الشخصي، وهو حجة بنظرنا إذا كان ناشئا عن دليل حساب الاحتمالات وتراكمها حول محور واحد، وهو الذي نصطلح عليه باليقين الموضوعي في مقابل اليقين الذاتي الناشئ عن العوامل المزاجية والشخصية.
ج - الاحتمال المستند للعلم الاجمالي، فإن العلم الاجمالي المتعلق بالجامع يعطي للاحتمال الموجود في الأطراف المحصورة قوة نفسية تكون باعثة وزاجرة للإرادة عند العقلاء، وهذا ما يعبر عنه بمباحث العلم الاجمالي.
د - الاحتمال المعتمد على أهمية المحتمل، فقد يكون الاحتمال في ذاته ضعيفا لكنه يعد رادعا وباعثا عقلائيا نظرا لأهمية المحتمل نفسه، سواءا علمت أهمية المحتمل ببيان الشرع نفسه أم علمت من خلال ثقافة المجتمع نفسه، كما في موارد الدماء والاعراض والأموال، وهذا هو المعبر عنه بأصالة الاحتياط.