صعيد استكشاف المدلول التفهيمي، أما بالنسبة للوضع بالمعنى المصدري فصياغة التعهد في تلك المرحلة - وهي مرحلة الانتخاب والجعل - مجرد اعتبار أدبي كسائر الاعتبارات الأدبية الأخرى لكن لا يوجد له مصحح بخصوصه، فإن الاعتبار الأدبي يحتاج لمصحح معين له من بين الاعتبارات الأدبية المختلفة ولا يوجد ذلك بالنسبة لصياغة التعهد، فإن الهدف من هذا الاعتبار الأدبي هو التوصل والتمهيد للعلاقة الراسخة بين اللفظ والمعنى، وهذا مصحح مشترك بين مسلك التعهد وغيره من الاعتبارات الأخرى كمسلك التخصيص أو القرن أو الهوهوية.
بينما مسلك جعل الهوهوية له مصحح خاص به كاعتبار أدبي، وهو تمهيده للعلاقة الوضعية التي هي الهوهوية بين تصور اللفظ وتصور المعنى، ومن التناسب الفني والذوقي هو التشاكل بين المعد والمعد له وبما أن المعد له هو علاقة الهوهوية فمقتضى التناسب والمشاكلة كون المعد هو جعل الهوهوية أيضا.
وان لوحظ مسلك التعهد بالنسبة للوضع بالمعنى الاسم المصدري، وهو عبارة عن الدلالة التصورية التي بحثنا عنها سابقا وأنها عبارة عن التلازم أو الهوهوية، فقد ذكر الأستاذ السيد الخوئي (قده) ان هذه الدلالة منتزعة من مسلك التعهد، أي ان الذهن إذا رأى واضعا يتعهد بعدم ذكر اللفظ الا عند إرادة المعنى فإنه ينتزع من هذا التعهد تصور المعنى، فالدلالة التصورية أمر انتزاعي من نفس عملية التعهد.
ولكن يلاحظ على ذلك: ان الامر الانتزاعي واقعيته بمنشأ انتزاعه وإذا ارتفع منشأ انتزاعه فلا وجود له، بينما نرى بالوجدان ان حصول الدلالة التصورية سواء أكانت هي التلازم أو الهوهوية لا تتوقف على التعهد بل تتوقف على مرحلة الإشارة، وهي العوامل الكمية أو الكيفية المولدة للعلاقة بين اللفظ