الدعوى الثالثة وجوابها:
ونقدم هنا ملاحظتين:
1 - إن وجود القواعد الشرعية في روايات أهل بيت العصمة عليهم السلام لا يلغي علم الأصول، فإن استفادة القاعدة والحكم من الحديث يتوقف على علة عناصر أصولية، منها تحقيق الظهور من خلال مباحث الألفاظ المطروحة في علم الأصول كالبحث في الأوامر والنواهي والمفاهيم والعام والخاص والمطلق والمقيد، ومنها الاعتراف بكبرى حجية الظهور، ومنها الاعتراف بحجية خبر الثقة، ومنها إجراء قواعد التعارض لو كان للنص معارض، وهذه العناصر كلها مدونة في علم واحد هو علم الأصول، فمجرد وجود القواعد والاحكام في النصوص المعصومية لا يلغي الحاجة لعلم الأصول.
ب - إن وجود القواعد الأصولية نفسها في النصوص والروايات، كالروايات الدالة على حجية خبر الثقة، وعدم حجية القياس، وحجية أصالة البراءة والاستصحاب، وقواعد التعارض، لا يلغي قيمة علم الأصول بل يؤكد لنا انبثاق هذا العلم من منبعه الصافي وهم أهل البيت عليهم السلام لا من المدارس الأخرى كما ذكر بعض المحدثين. فوجود هذه المسائل الأصولية في النصوص كوجود بعض البحوث الأصولية في ضمن البحوث الفقهية، نحو ما ذكره الكليني في الكافي في كتاب الطلاق عن الفضل بن شاذان أنه استدل على بطلان بعض صور الطلاق بأن النهي يقتضي الفساد (1)، وهي قاعدة أصولية، كذلك ما صنعه صاحب الحدائق عندما بحث حجية الاجماع ضمن حديثه عن صلاة الجمعة (2)، كل ذلك لا يلغي أهمية علم الأصول واستقلاليته عن غيره من