لكل ظرف كونه ظرفا لغوا لا مستقرا، فلو كان قيد (بالامكان) هنا راجعا للمحمول فهو ظرف لغو، ولو كان راجعا للنسبة فهو ظرف مستقر، والظهور العرفي منعقد على رجوع القيود للمحمول دون النسبة، ومقتضاه تحول القضية الممكنة للقضية الضرورية ولكننا نلاحظ على هذا الاستدلال: أن البحث في عناصر القضايا بحث ثبوتي واقعي لا إثباتي، فلا وجه للتشبث فيه بالظهور، فإن القضية واقعا وثبوتا تنحل عند التأمل لأربعة عناصر متقابلة، ومن المستحيل دخول المقابل في مقابله، فلا يمكن دخول الجهة في المحمول وتقيده بها، فالجهة مما به ينظر لأنها مرآة معبرة عن كيفية النسبة واقعا، والمحمول مما فيه ينظر لأنه طرف الاسناد، فكيف يكون أحدهما قيدا للآخر؟!
3 - أخذ الموضوع في المحمول بعكس المورد الأول (وهو أخذ المحمول في الموضوع). ومثاله: محل كلامنا، فإنا إذا قلنا الانسان كاتب فبناءا على التركيب تنحل القضية لقولنا الانسان إنسان له الكتابة، فهل هذا المورد من موارد انقلاب الممكنة للضرورية أم لا؟!
وهنا تقريبان لتصوير الانقلاب: أحدهما ما طرحه صاحب الكفاية، والآخر ما ذكره صاحب الفصول.
أ - تقريب الكفاية (1): وخلاصته: أن قولنا الانسان إنسان له الكتابة مشتمل على عقد الوضع - وهو عبارة عن معرفية عنوان الانسان للموضوع الواقعي - وعلى عقد الحمل - وهو قضية إنسان له الكتابة - المتضمن لثلاثة أجزاء: مقيد وهو الانسان، وقيد وهو الكتابة، وتقييد بها، وهذا التقيد معنى حرفي، والمعنى الحرفي حقيقته المرآتية لأطراف القضية، فإما أن يكون مرآة