ودخوله تحت هذا المرتكز العام وإن لم يعبر هذا المفهوم عن تمام مراحل الوضع ودرجاته المسلك الثالث: مسلك التعهد: وقد ذهب إليه مجموعة من أعلام الأصول، أولهم كما نعلم المحقق ملا علي النهاوندي في كتابه تشرح الأصول، والمحقق الحائري في كتاب الدرر (1)، وآغا رضا الأصفهاني في كتاب وقاية الأذهان (2)، ووافقهم الأستاذ الخوئي (قده) (3).
وقبل استعراض الملاحظات الواردة على هذا المسلك نطرح مقدمة تشتمل على تصويره:
مقدمة: سبق ان قسمنا الدلالة إلى الدلالة الانسية وهي خطور المعنى عند خطور اللفظ وتحدثنا عن حقيقتها وأنها من باب التلازم أو من باب الهوهوية، والدلالة التفهيمية وهي الحكم على كون المتكلم الملتفت قاصدا لتفهيم الظاهر من كلامه، والدلالة التصديقية وهي الحكم على كون المتكلم مريدا للمعنى الظاهر من كلامه إرادة جدية فالظاهر حجة له وعليه.
وما نركز عليه الآن من الأقسام هو القسم الثاني وهو الدلالة التفهيمية أي كون المتكلم الملتفت قاصدا لتفهيم معنى كلامه، وأما الدلالة الانسية فقد سبق البحث عنها وعن حقيقتها ومنشئها، وأما الدلالة التصديقية فليست دلالة لفظية بل دلالة سياقية مقامية، أي ظاهر كون المتكلم في مقام البيان والتفهيم هو كونه مريدا واقعا للمعنى الظاهر، وكلامنا الآن في الدلالة اللفظية أي الدلالة المستندة للفظ، ودلالة الكلام على كون ظاهره مرادا جديا للمتكلم وان اكتسبها اللفظ ولكن حقيقتها هي ظهور حال المتكلم في كون ظاهر كلامه مرادا