ويرد على كلا الصيغتين أنهما وان كانتا كافيتين لاستكشاف المراد التفهيمي بخلاف العقد الايجابي الا أنهما لا يتطابقان مع واقع استعمال اللفظ خارجا، ولذلك يعد هذا التعهد تعهدا غير عقلائي وغير قانوني لعدم وفائه حينئذ بتلبية جميع الأهداف المنشودة وراء استعمال اللفظ، فإن اطلاق اللفظ لا ينحصر الهدف منه بقصد تفهيم المعنى بل قد يكون بداعي الاهمال والاجمال أو بداعي التمرين على النطق أو بداعي التلقين النفسي أو بداعي الدعاء أو بداعي التغني، فهناك دواعي وأهداف متعددة تبعث على التلفظ، فحصر اللفظ بقصد تفهيم المعنى لا يتطابق مع حاجة الانسان ودواعيه النفسية المختلفة، فتعهده بالحصر المذكور تعهد غير عقلائي لعدم وفائه بالحاجات البيانية عند الانسان.
الثاني: ما أورده بعض المعاصرين (1) على مسلك التعهد بأنه لا يجتمع مع الاستعمال المجازي، فإن المتعهد بعدم ذكر اللفظ الا عند إرادة المعنى الكذائي بناءا على العقد السلبي لمسلك التعهد كيف يتسنى له المجاز وهو استعمال اللفظ في غير ما وضع له وهو المعنى المتعهد به، فإن هذا مخالف لتعهده السابق.
وإن تعهد بعدم ذكر اللفظ الا عند إرادة أحد المعنيين على نحو العرضية بينهما صار الاستعمال المجازي استعمالا حقيقيا لرجوعه للوضع.
وان تعهد بعدم ذكر اللفظ وحده وبدون قرينة الا عند إرادة المعنى الحقيقي بحيث لا يتنافى ذلك مع الاستعمال المجازي المستلزم لذكر اللفظ مع القرينة، فإن هذا التعهد يتنافى مع الاستعمال المجازي المستند إلى غير القرينة اللفظية، إذ يصدق عليه أنه ذكر اللفظ وحده بلا قرينة لفظية ومع ذلك أريد به غير معناه المتعهد به.