وخلاصة التصويرين السابقين أن الزمان يمكن لحاظه بلحاظين متقابلين:
1 - لحاظه بنحو الكلي وهو المعبر عنه بالحركة التوسطية، فيصح أن يقال حينئذ الآن ليل والآن يوم السبت والآن شهر ربيع الأول مثلا.
2 - لحاظه بنحو الكل وهو المعبر عنه بالحركة القطعية، فيصح أن يقال بناءا على هذا اللحاظ الآن جزء من الليل واليوم والشهر ولا يصح أن يقال الآن ليل أو يوم أو شهر كذا، وإذا كانت هاتان الحيثيتان واقعيتين فكلا اللحاظين أمر واقعي وإذا لم تكونا كذلك فاللحاظان عبارة عن تفنن ذهني راجع لنظرية التكثر الادراكي الذهني التي سبق عرضها إجمالا.
وبعد اتضاح التصويرين المذكورين للزمان يقع الكلام فعلا في أن أي واحد منهما هو الأنسب بالبحث في المشتق لتصور بقاء الذات فيه وإن انقضى المبدأ الواقع فيه، وقد اختار المحقق الطهراني التصوير الأول، واختار المحقق العراقي كما في بدائع الأفكار التصوير الثاني.
مختار المحقق الطهراني: إن بقاء الذات مع انقضاء المبدأ معقول في التصوير الأول للزمان، وذلك لأننا إذا نظرنا للآن الذي وقع فيه قتل الحسين (ع) يوم العاشر - مثلا - فهو آن التلبس الذي يعبر عنه بلفظ مقتل الحسين (ع) على نحو الحقيقة، وبعد انقضاء ذلك الحدث فالآن السيال من آنات ذلك اليوم ما زال باقيا لبقاء أفراده المتصلة المتعاقبة، ومع بقاءه فيصح النزاع المعقود في باب المشتق فيه بأن نقول: هل ان اطلاق - مقتل الحسين (ع) - على بقية الآنات من يوم العاشر إطلاق حقيقي أم مجازي (1)؟