كالانسان يتصورها بصورة لحاظية واحدة، ثم يقوم بتحليلها والتأمل فيها، فيقسمها لما به الاشتراك - وهو الجنس - وما به الامتياز وهو الفصل.
فهنا التركيب طارئ على المفهوم، بينما المفهوم الانتزاعي كالمشتق مسبوق بالتركيب وملحوق به، لان الذهن يدرك أولا عنصرين، وهما: الذات والحدث، فيتصور صورتين ثم يقوم بانتزاع عنوان بسيط منهما، وهو مفهوم المشتق، ثم يقوم بتحليله وإرجاعه للعناصر التي انتزع منها. إذن فالتركيب التحليلي في المشتق سابق عليه ولاحق به.
النقطة الثالثة: إن دليلنا على مختارنا - وهو البساطة اللحاظية مع التركيب التحليلي - هو الوجدان، فإن الوجدان شاهد بأن المتبادر العرفي من لفظ المشتق حين اطلاقه هو صورة واحدة لا متعددة، ولكن مع التأمل العقلي يتبين التركيب التحليلي فيه.
كما أن الوجدان شاهد بتناسب مقام الاثبات ومقام الثبوت، بمعنى أننا نشعر باستفادة التركيب التحليلي للمشتق من نفس اللفظ لا من التأمل العقلي في المعنى، كما في التركيب الماهوي للفظ الانسان، فإن المنعكس في الذهن وجدانا حين إطلاق لفظ الانسان هو الصورة اللحاظية الواحدة، من دون أن يشم الانسان رائحة التركيب في اللفظ أصلا، ولكن تأمل العقل في المعنى هو الذي أوصله للتركيب المعنوي الماهوي، بينما في لفظ المشتق نرى أن الوجدان لان استفاد صورة لحاظية واحدة حين اطلاق لفظ المشتق، الا أنه يشعر بتضمن هذه الصورة لعنصرين على نحو الاندماج والامتزاج، بحيث لو قام بتحليل هذه الصورة اللحاظية لرجعت إلى تصور العنصرين المذكورين تفصيلا.
وبعد وضوح هذه الرؤية الوجدانية فما هو التفسير العلمي لحقيقتها، وما هو منشأ التناسب الملحوظ وجدانا بين مقام الاثبات ومقام الثبوت؟
فإن المتبادر من اللفظ إذا كان هو الصورة اللحاظية الواحدة فمن أين