للغرض من العلم التي عبر عنها المسلك الأول بإقامة الحجة على حكم العمل، وعي عنها الثاني باستنباط الحكم الشرعي الكلي. بل هما متحدان أيضا في حقيقة هذا الغرض نفسه، حيث أن إقامة الحجة على حكم العمل هي عملية استنباط الحكم الشرعي، والمراد بمفهوم الاستنباط في كلمات الأستاذ السيد الخوئي (قده) ما يشمل إثبات المنجزية والمعذرية تجاه الحكم الواقعي كما في الأصول العملية وإن لم تكن نتيجته تحديد الحكم الشرعي كما في الأدلة الاجتهادية.
نعم يختلف المسلكان في قيد الاستغناء عن ضم قانون آخر في مقام الاستنباط، حيث لم يقيد به المسلك الأول وقيد به المسلك الثاني.
ويلاحظ على هذا المسلك ملاحظتان:
الأولى: ذكرنا سابقا أن العبارة المعروفة (موضوع كل علم... الخ) لا تدل الا على تفسير الموضوع بعد الفراغ عن وجوده، ولا تدل على لزوم وجوده ولا على وحدته أصلا، وذكرنا سابقا أن من الملازمات العقلية المدركة بالعقل النظري توقف الفائدة العلمية والعملية لأي علم على وجود موضوع له بمعنى المحور لأبحاثه ومفاهيمه.
الثانية: إن التعريف المطروح لموضوع الأصول لا ينطبق على موضوعات مسائله حتى عرضا، وذلك لان من المسائل الأصولية المهمة بحث صغريات أصالة الظهور، كالبحث في ظهور المشتق في خصوص المتلبس أو الأعم، والبحث عن ظهور صيغة الامر في الوجوب وعدمه، والبحث عن ظهور صيغة الشرط في المفهوم وعدمه وأمثال ذلك، مع أن مرحلة الاستنباط للحكم لا تعتمد على هذه القوانين فقط بل تتوقف على ضم كبرى حجية الظهور لها أيضا، فلا يصدق على هذه المسائل أنها قوانين ممهدة لاستنباط الحكم الشرعي بدون ضم قانون أصولي آخر إليها.