أ - إن مفاد البراءة العقلية قبح العقاب بلا بيان ومفاد البراءة الشرعية بيان عدم العقوبة لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: " رفع عن أمتي ما لا يعلمون " (1)، ومن الواضح أن قبح العقاب مع البيان على عدمه أشد من قبحه مع عدم البيان.
ب - إن حيثية الامتنان في البراءة الشرعية أظهر منها في البراءة العقلية، لحصول الامتنان في الشرعية من وجهين:
1 - رفع تنجز احتمال التكليف.
2 - ورود هذا على لسان الشارع نفسه الذي بيده التكليف والعقوبة.
كما أن البحث في البراءة الشرعية لا يلغي الكلام في البراءة العقلية لعدم جريان الشرعية في بعض الموارد مع جريان العقلية فيها وبالعكس، كما في مورد دوران الامر بين الأقل والأكثر الارتباطيين لشبهة الغرض أو الأصل المثبت على بعض المباني، كما أن هناك من أنكر البراءة العقلية مطلقا عند احتمال التكاليف الشرعية مع قوله بجريان البراءة الشرعية فيها، فالبحث في إحدى البراءتين لا يلغي البحث في الأخرى.
المسلك الثالث: ما يستفاد من كلام المحقق النائيني والأستاذ السيد الخوئي (قده)، من كون موضوع علم الأصول هو القانون الممهد لاستنباط الحكم الشرعي بدون ضم قانون اخر (2)، وبيان ذلك في ثلاث نقاط:
أ - إن العبارة المشهورة " موضوع كل علم ما يبحث فيه عن عوارضه الذاتية " تدل على وجود موضوع واحد بالوحدة الحقيقية لكل علم، مع أنه لا دليل من عقل أو اعتبار عقلائي على لزوم وجود أصل الموضوع فضلا عن وحدته بالوحدة الحقيقية، فلا موضوع لعلم الأصول فضلا عن كونه واحدا