النظري يدرك أنه لا يمكن حصول فائدة لأي كلام أو بحث أو علم في أي مجال بدون محور ومركز يدور عليه الكلام والبحث والعلم، ولو كان هذا المحور عبارة عما يؤدي لغاية العلم وهدفه فوجود الموضوع بمعنى محور البحوث والمسائل ضروري لكل علم سواء أكان الموضوع واحدا أم متعددا، وهو الصحيح، فلابد من وجود الموضوع والمحور لكل علم.
النقطة الثانية: في تفسير العبارة السابقة " موضوع كل علم ما يبحث فيه عن عوارضه الذاتية "، وهنا تفسيران:
1 - أخص.
2 - أعم.
التفسير الأخص: ما قد يستفاد من عبارة الشيخ الرئيس في الإشارات (1) والمحقق الطوسي في شرحه على الإشارات (2) والتفتازاني في أوائل شرح المقاصد (3) وبعض المتأخرين في حاشيته على الاسفار (4)، من نظر هذا التعريف للعلوم البرهانية التي تكون محمولاتها من الأمور الواقعية، إما لواقعية ما بحذائها خارجا أو لواقعية منشأ انتزاعها، فلا ينطبق على العلوم الاعتبارية كالعلوم الأدبية ولا على العلوم القانونية كعلم الفقه وإن كان لها موضوع محقق.
والنكتة في اختصاص التعريف بالعلوم البرهانية كالحكمة بأقسامها الثلاثة المتعالية والطبيعية والرياضية: كون المراد بالعارض الذاتي هو ذاتي باب البرهان الذي هو من الأمور الواقعية البرهانية فمن الطبيعي حينئذ اختصاص التعريف بالعلوم البرهانية.