ولكن أورد على ذلك شيخنا الأستاذ (قده) بأن لازم هذه النظرية امكان تصحيح النذر في المحرمات أيضا بالرجحان الناشئ من قبله فضلا عن المكروهات وهو كما ترى.
وفيه أن ما أورده (قده) على هذه النظرية خاطئ جدا، والسبب في ذلك ان ما دل على حرمة شئ أو كراهته باطلاقه يشمل ما قبل النذر وما بعده يعني انه كما يدل على حرمته قبل النذر كذلك يدل عليها بعده، بداهة ان دليل وجوب الوفاء بالنذر لا يصلح أن يكون مقيدا لاطلاقه وإلا لأمكن تحليل جميع المحرمات والواجبات فعلا وتركا بالنذر كما أفاده والسر فيه ان دليل وجوب الوفاء به لا يكون ناظرا إلى أن ما تعلق به النذر راجح أوليس براجح.
وعليه فلابد من احرازه من الخارج. نعم قد يكون تعلق النذر به ملازما لانطباق عنوان راجح عليه، فحينئذ يصح النذر، إذ ل يعتبر في صحته أن يكون متعلقه راجحا قبله أي قبل النذر زمانا، بل يكفي فيها مقارنته معه زمانا.
وعلى الجملة فدليل وجوب الوفاء بالنذر لا يكون سببا وموجبا لحدوث الرجحان في متعلقه حتى يستلزم انقلاب الواقع بأن يجعل المبغوض محبوبا والحرام راجحا حيث إنه غير ناظر إلى أن متعلقه راجح أو غير راجح حرام أوليس بحرام وهكذا، بل لابد من احراز ذلك من الخارج فان أحرزنا أنه راجح صح النذر وان لم يحرز ذلك سواء أحرزنا أنه مرجوح كالمكروه أو الحرام أم لم يحرز فهو غير صحيح.
وعليه فبما أن ما دل على حرمة شئ كشرب الخمر مثلا أو كراهته باطلاقه يدل عليها حتى بعد تعلق النذر به أيضا فلا محالة لا يكون مثل هذا النذر صحيحا لمرجوحية متعلقه ولا يشمله عموم وجوب الوفاء