مثلا خارج عن حكم العام ولكن لا نعلم أن خروجه من ناحية أنه ليس بفرد له أو من ناحية التخصيص فلا نعلم بجريان السيرة منهم على العمل بها ومع عدم احرازه لا يمكن الحكم بحجيتها.
أو فقل: ان الأصول اللفظية وأن كانت مثبتاتها حجة، لما ذكرناه في محله من أن الدلالة الالتزامية تابعة للدلالة المطابقية حدوثا وبقاء يعني في أصل الوجود والحجية، وقد ذكرنا غير مرة أنه لا يمكن بقاء الدلالة الالتزامية على الحجية إذا سقطت الدلالة المطابقية عنها، ضرورة انها تسقط بسقوطها كما حققنا ذلك بشكل موسع في ضمن البحث عن ثبوت الملازمة بين الامر بشئ والنهي عن ضده، هذا فيما إذا كانت الدلالة المطابقية موجودة من جهة ظهور اللفظ أو من جهة بناء العقلاء، وأما إذا لم تكن دلالة مطابقية في البين فلا موضوع للدلالة الالتزامية، لفرض انها متفرعة عليها فكيف يعقل وجودها بدون تلك.
وبعد ذلك نقول: إن ما ثبت حجية هذه الأصالة فيه هو ما إذا كان الشئ فردا لعام وشك في خروجه عن حكمه ففي مثل ذلك تكون هذه الأصالة حجة فلا مانع من الاخذ بدلالتها الالتزامية أيضا لما عرفت من أنها تابعة للدلالة المطابقية في الحدوث والحجية وأما في محل الكلام وهو عكس هذا الفرض تماما فلا تجرى هذه الأصالة لعدم احراز بناء العقلاء عليها فيه فما ظنك بدلالتها الالتزامية مثلا لو قال المولى لعبده (بع جميع كتبي) الموجودة في مكتبتنا هذه فباع جميعها فليس للمولى الاعتراض عليه بقوله لما ذا بعت الكتاب الفلاني، بل له الزام المولى بظهور العام في العموم وعدم نصبه قرينة على الخلاف، وأما إذا قال له بع جميع كتبي ثم قال لا تبع الكتاب الفلاني ونشك في أنه وقف أو عارية أو أنه ملكه فعلى الأول يكون خروجه من باب التخصص وعلى الثاني من باب التخصيص فلا يمكن التمسك بأصالة