الأسباب وعدم التداخل في موارد الشك فيه في المسببات. ومن هنا يظهر أن ما أفاده شيخنا الأستاذ (قده) من أنه لا ضابط كلي لجريان الأصل في موارد الأحكام الوضعية فلابد من ملاحظة كل مورد بخصوصه والرجوع فيه إلى ما يقتضيه الأصل لا يمكن المساعدة عليه، وذلك لما عرفت من أنه لا فرق في جريانه في كلا المقامين بين الحكم التكليفي والوضعي أصلا.
الثالث: ان محل الكلام في تداخل الأسباب أو المسببات إنما هو فيما إذا كان الجزاء قابلا للتعدد كالوضوء أو الغسل أو ما شاكل ذلك، واما إذا لم يكن قابلا لذلك فهو خارج عن محل الكلام كالقتل، فان من يستحق ذلك بارتداد أو نحوه فلا معنى للبحث عن تداخل الأسباب أو المسببات فيه وفي أمثاله نعم قد يكون قتله موردا لحقوق متعددة متباينة كما إذا افترض أنه قتل عدة أشخاص متعمدا، فإنه يثبت اولي كل من المقتولين حتى قتله على نحو الاستقلال فلو أسقط أحد الأولياء حقه لم يسقط حق الآخرين فلهم اقتصاصه. نعم لو اقتصه أحدهم سقط حق الباقين قصاصا بسقوط موضوعه، ولكن لهم عندئذ ان يأخذوا الدية من أمواله، هذا بالإضافة إلى حقوق الناس، وكذلك الحال بالإضافة إلى حقوق الله كما إذا افترضنا ان أحدا زنى بأحد محارمه كأخته أو أمه أو بنته أو ما شاكل ذلك مرتين أو أزيد، فإنه بطبيعة الحال لا يترتب على الزنى في المرة الثانية الا تأكد الجزاء حيث أن القتل غير قابل المتعدد. ثم أنه ربما لا يكون الجزاء قابلا للتأكد أيضا كإباحة شئ مثلا أو طهارته نظرا إلى أن الطهارة كالإباحة غير قابلة للشدة والتأكد فضلا عن الزيادة، مثلا إذا غسل الثوب المتنجس في الماء الكر وطهر فلا أثر لغسله ثانيا في الماء الجاري ولا يوجب ذلك تأكد طهارته وشدتها، وكذا إذا افترضنا إباحة شئ بعدة أسباب مجتمعة عليه دفعية أو تدريجية كاجتماع الاكراه والاضطرار