ابتداء، ولا تدخل في تكوين المدلول التصوري خلافا لما إذا قيل بان الدلالة على الاطلاق وضعية لاخذه قيدا في المعنى الموضوع له، فإنها تدخل حينئذ في تكوين المدلول التصوري.
التنبيه الثاني: ان الاطلاق تارة يكون شموليا يستدعي تعدد الحكم بتعدد ما لطرفه من افراد، وأخرى بدليا يستدعي وحدة الحكمة.
فإذا قيل: أكرم العالم كان وجوب الاكرام متعددا بتعدد افراد العالم، ولكنه لا يتعدد في كل عالم بتعدد افراد الاكرام. وقد يقال: ان قرينة الحكمة تنتج تارة الاطلاق الشمولي، وأخرى الاطلاق البدلي، ويعترض على ذلك بان قرينة الحكمة واحدة فكيف تنتج تارة الاطلاق الشمولي، وأخرى الاطلاق البدلي؟
وقد أجيب على هذا الاعتراض بعدة وجوه:
الأول: ما ذكره السيد الأستاذ من أن قرينة الحكمة لا تثبت الا الاطلاق بمعنى تقييد القيد، واما البدلية والاستغراقية فيثبت كل منهما بقرينة إضافية، فالبدلية في الاطلاق في متعلق الامر مثلا تثبت بقرينة إضافية، وهي ان الشمولية غير معقولة لان ايجاد جميع افراد الطبيعة غير مقدور للمكلف عادة، والشمولية في الاطلاق في متعلق النهي مثلا، تثبت بقرينة إضافية، وهي ان البدلية غير معقولة، لان ترك أحد افراد الطبيعة على البدل ثابت بدون حاجة إلى النهي.
ولا يصلح هذا الجواب لحل المشكلة إذ توجد حالات يمكن فيها الاطلاق الشمولي والبدلي معا، ومع هذا يعين الشمولي بقرينة الحكمة، كما في كلمة عالم في قولنا أكرم العالم، فلا بد اذن من أساس لتعيين الشمولية أو البدلية غير مجرد كون بديله مستحيلا.
الثاني: ما ذكره المحقق العراقي رحمه الله من أن الأصل في قرينة الحكمة انتاج الاطلاق البدلي، والشمولية عناية إضافية بحاجة إلى قرينة،