في ملاك الحكم في القضية الخارجية تصدى المولى نفسه لاحراز وجوده، كما إذا أراد أن يحكم على ولده بوجوب اكرام أبناء عمه وكان لتدينهم دخل في الحكم فإنه يتصدى بنفسه لاحراز تدينهم، ثم يقول: أكرم أبناء عمك كلهم أو إلا زيدا تبعا لما أحرزه من تدينهم كلا أو جلا.
واما إذا قال: أكرم أبناء عمك ان كانوا متدينين، فالقضية شرطية وحقيقية من ناحية هذا الشرط لأنه قد افترض وقدر.
ومن الفوارق المترتبة على ذلك، ان الوصف الدخيل في الحكم في باب القضايا الحقيقية إذا انتفى ينتفى الحكم لأنه مأخوذ في موضوعه. وإن شئت قلت لأنه شرط، والجزاء ينتفي بانتفاء الشرط، خلافا لباب القضايا الخارجية، فان الأوصاف ليست شروطا، وانما هي أمور يتصدى المولى لاحرازها فتدعوه أي جعل الحكم، فإذا أحرز المولى تدين أبناء العم فحكم بوجوب اكرامهم على نهج القضية الخارجية ثبت الحكم ولو لم يكونوا متدينين في الواقع، وهذا معنى ان الذي يتحمل مسؤولية تطبيق الوصف على افراده هو المكلف في باب القضايا الحقيقية للاحكام، وهو المولى في باب القضايا الخارجية لها.
وينبغي ان يعلم ان الحاكم - سواء كان حكمه على نهج القضية الحقيقية أو على نهج القضية الخارجية وسواء كان حكمه تشريعيا كالحكم بوجوب الحج على المستطيع، أو تكوينيا واخباريا كالحكم بان النار محرقة أو انها في الموقد - انما يصب حكمه في الحقيقة على الصورة الذهنية لا على الموضوع الحقيقي للحكم، لان الحكم لما كان امرا ذهنيا فلا يمكن ان يتعلق الا بما هو حاضر في الذهن، وليس ذلك الا الصورة الذهنية، وهي وان كانت مباينة للموضوع الخارجي بنظر، ولكنها عينه بنظر آخر، فأنت إذا تصورت النار ترى بتصورك نارا، ولكنك إذا لاحظت بنظرة ثانية إلى ذهنك وجدت فيه صورة ذهنية للنار لا النار نفسها، ولما كان ما في الذهن عين الموضوع الخارجي بالنظر التصوري وبالحمل الأولي صح ان يحكم