أخرى في المقام وحاصلها انه قد افترض كون الخروج مقدمة للتخلص الواجب من الغصب ومقدمة الواجب واجبة فيكون الخروج واجبا فعلا مع كونه منهيا عنه بالنهي السابق الذي لا يزال فعليا بخطابه وروحه معا أو بروحه وملاكه فقط على الأقل فهل يلتزم بان الخروج ليس مقدمة للواجب أو بتخصيص في دليل حرمة التصرف في المغصوب على نحو ينفي وجود نهي من أول الامر عن هذه الحصة من التصرف أو بانخرام في قاعدة وجوب المقدمة وجوه بل أقوال.
اما الوجه الأول: فحاصله ان الخروج والبقاء متضادان والواجب هو ترك البقاء وفعل أحد الضدين ليس مقدمة لترك ضده، كما تقدم في الحلقة السابقة، وهذا الوجه حتى إذا تم لا يحل المشكلة على العموم لان هذه المشكلة لا نواجهها في هذا المثال فقط بل في حالات أخرى لا يمكن انكار المقدمية فيها من قبيل من سبب بسوء اختياره إلى الوقوع في مرض مهلك ينحصر علاجه بشرب الشراب المحرم فان مقدمية الشرب في هذه الحالة واضحة.
واما الوجه الثاني: فلا يمكن الاخذ به الا مع قيام برهان على التخصيص المذكور بتعذر اي حل آخر للمشكلة.
واما الوجه الثالث: فهو المتعين وذلك بان يقال ان المقدمة من ناحية انقسامها إلى فرد مباح وفرد محرم على أقسام:
أحدها: ان تكون منقسمة إلى فردين من هذا القبيل فعلا، وفي هذه الحالة يتجه الوجوب الغيري نحو غير المحرم خاصة لان الملازمة التي يدركها العقل لا تقتضي أكثر من ذلك.
ثانيها: ان تكون منحصرة أساسا - وبدون دخل للمكلف في ذلك - في الفرد المحرم وفي هذه الحالة يتجه الوجوب الغيري نحو الفرد المحرم إذا كان الوجوب النفسي أهم من حرمته وتسقط الحرمة حينئذ.