مؤثر واحد في ذلك الغرض. ولما كانت مسائل العلم متعددة ومتغايرة، فيستحيل أن تكون هي المؤثرة بما هي كثيرة في ذلك الغرض الواحد، بل يتعين أن تكون مؤثرة بما هي مصاديق لامر واحد، وهذا يعني فرض قضية كلية تكون بموضوعها جامعة بين الموضوعات، وبمحمولها جامعة بين المحمولات للمسائل. وهذه القضية الكلية هي المؤثرة، وبذلك يثبت ان لكل علم موضوعا، وهو موضوع تلك القضية الكلية فيه.
وقد أجيب على ذلك، بأن الواحد على ثلاثة أقسام: واحد بالشخص، وواحد بالنوع، وهو الجامع الذاتي لافراده، وواحد بالعنوان وهو الجامع الانتزاعي الذي قد ينتزع من أنواع متخالفة. واستحالة صدور الواحد من الكثير تختص بالأول، والغرض المفترض لكل علم ليست وحدته شخصية بل نوعية أو عنوانية، فلا ينطبق برهان تلك الاستحالة في المقام.
وهكذا يرفض بعض المحققين الدليل على وجود موضوع لكل علم، بل قد يبرهن على عدمه، بان بعض العلوم تشتمل على مسائل موضوعها الفعل والوجود، وعلى مسائل موضوعها الترك والعدم، وتنتسب موضوعات مسائله، إلى مقولات ما هوية وأجناس متباينة، كعلم الفقه الذي موضوع مسائله الفعل تارة، والترك أخرى، والوضع تارة والكيف أخرى، فكيف يمكن الحصول على جامع بين موضوعات مسائله؟.
وعلى هذا الأساس استساغوا أن لا يكون لعلم الأصول موضوع.
غير أنك عرفت أن لعلم الأصول موضوعا كليا على ما تقدم.