ظننت صدقه يجوز أن يكون كاذبا وإن ظننت به الصدق، فإن الظن لا يمنع من التجويز، فعاد الأمر في العمل بأخبار الآحاد إلى أنه إقدام على ما لا نأمن من كونه فسادا أو غير صلاح (1).
هذا، ويحتمل احتمالا بعيدا: أن السيد لم يرد من " التجويز " - الذي قال عنه: إنه لا يمنع منه الظن - كل تجويز حتى الضعيف الذي لا يعتني به العقلاء ويجتمع مع اطمئنان النفس، بل أراد منه التجويز الذي لا يجتمع مع اطمئنان النفس ويرفع الأمان بصدق الخبر.
وإنما قلنا: إن هذا الاحتمال بعيد، لأ أنه يدفعه: أن السيد حصر في بعض عباراته ما يثبت الأحكام عند من نأى عن المعصومين أو وجد بعدهم، حصره في خصوص الخبر المتواتر المفضي إلى العلم وإجماع الفرقة المحقة لا غيرهما.
وأما تفسيره للعلم بسكون النفس فهذا تفسير شايع في عبارات المتقدمين ومنهم الشيخ نفسه في العدة. والظاهر أنهم يريدون من سكون النفس " الجزم القاطع " لا مجرد الاطمئنان وإن لم يبلغ القطع كما هو متعارف التعبير به في لسان المتأخرين.
نعم، لقد عمل السيد المرتضى على خلاف ما أصله هنا - وكذلك ابن إدريس الذي تابعه في هذا القول - لأ أنه كان كثيرا ما يأخذ بأخبار الآحاد الموثوقة المروية في كتب أصحابنا. ومن العسير عليه وعلى غيره أن يدعى تواترها جميعا أو احتفافها بقرائن توجب القطع بصدورها. وعلى ذلك جرت استنباطاته الفقهية. وكذلك ابن إدريس في السرائر. ولعل عمله