وقيل: يدل على استحبابه. وقيل: لا دلالة له على شئ منهما (1) أي أنه لا يدل على أكثر من إباحة الفعل في حقنا.
والحق هو الأخير، لعدم ما يصلح أن يجعل له مثل هذه الدلالة.
وقد يظن ظان أن قوله تعالى في سورة الأحزاب 21: * (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر) * يدل على وجوب التأسي والاقتداء برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في أفعاله. ووجوب الاقتداء بفعله يلزم منه وجوب كل فعل يفعله في حقنا وإن كان بالنسبة إليه لم يكن واجبا، إلا ما دل الدليل الخاص على عدم وجوبه في حقنا.
وقيل: إنه إن لم تدل الآية على وجوب الاقتداء فعلى الأقل تدل على حسن الاقتداء به واستحبابه.
وقد أجاب العلامة الحلي عن هذا الوهم فأحسن - كما نقل عنه - إذ قال: إن الأسوة عبارة عن الإتيان بفعل الغير لأ أنه فعله على الوجه الذي فعله، فإن كان واجبا تعبدنا بإيقاعه واجبا، وإن كان مندوبا تعبدنا بإيقاعه مندوبا، وإن كان مباحا تعبدنا باعتقاد إباحته (2).
وغرضه (قدس سره) من التعبد باعتقاد إباحته فيما إذا كان مباحا ليس مجرد الاعتقاد حتى يرد عليه - كما في الفصول - بأن ذلك أسوة في الاعتقاد لا الفعل (3) بل يريد - كما هو الظاهر من صدر كلامه - أن معنى الأسوة في المباح هو أن نتخير في الفعل والترك، أي لا نلتزم بالفعل ولا بالترك،