على اعتبار مثل الشهرة، لأن الذي يفهم من التعليل أن الإصابة من الجهالة هي المانع من قبول خبر الفاسق بلا تبين، فيدل على أن كل ما يؤمن معه من الإصابة بجهالة فهو حجة يجب الأخذ به. والشهرة كذلك (1).
والجواب: أن هذا ليس تمسكا بعموم التعليل - على تقدير تسليم أن هذه الفقرة من الآية واردة مورد التعليل وقد تقدم بيان ذلك في أدلة حجية خبر الواحد - بل هذا الاستدلال تمسك بعموم نقيض التعليل. ولا دلالة في الآية على نقيض التعليل بالضرورة، لأن هذه الآية نظير قول الطبيب:
لا تأكل الرمان (2) لأ أنه حامض - مثلا - فإن هذا التعليل لا يدل على أن كل ما هو ليس بحامض يجوز أو يجب أكله. وكذلك هنا، فإن " حرمة العمل بنبأ الفاسق بدون تبين لأ أنه يستلزم الإصابة بجهالة " لا تدل على وجوب الأخذ بكل ما يؤمن فيه ذلك وما لا يستلزم الإصابة بجهالة.
وأما دلالتها على خصوص حجية خبر الواحد العادل فقد استفدناه من طريق آخر، وهو طريق مفهوم الشرط - على ما تقدم شرحه - لا من طريق عموم نقيض التعليل.
وبعبارة أخرى: أن أكثر ما تدل الآية في تعليلها على (3) أن الإصابة بجهالة مانع عن تأثير المقتضي لحجية الخبر، ولا تدل على وجود المقتضي للحجية في كل شئ آخر حيث لا يوجد فيه المانع، حتى تكون دالة على حجية مثل الشهرة المفقود فيها المانع. أو نقول: إن فقدان المانع عن الحجية في مثل الشهرة لا يستلزم وجود المقتضى فيها للحجية.
ولا تدل الآية على أن كل ما ليس فيه مانع ففيه المقتضي موجود.