وصل إليهم من رئيسهم وإمامهم يدا بيد، فإن اتفاقهم مع كثرة اختلافهم في أكثر المسائل يعلم منه أن الاتفاق كان مستندا إلى رأي إمامهم، لا عن اختراع للرأي من تلقاء أنفسهم اتباعا للأهواء أو استقلالا بالفهم. كما يكون ذلك في اتفاق أتباع سائر ذوي الآراء والمذاهب، فإنه لا نشك فيها أنها مأخوذة من متبوعهم ورئيسهم الذي يرجعون إليه.
والذي يظهر أنه قد ذهب إلى هذه الطريقة أكثر المتأخرين (1). ولازمها أن الاتفاق ينبغي أن يقع في جميع العصور من عصر الأئمة إلى العصر الذي نحن فيه، لأن اتفاق أهل عصر واحد مع مخالفة من تقدم يقدح في حصول القطع، بل يقدح فيه مخالفة معلوم النسب ممن يعتد بقوله، فضلا عن مجهول النسب.
4 - طريقة التقرير: وهي أن يتحقق الإجماع بمرأى ومسمع من المعصوم مع إمكان ردعهم ببيان الحق لهم ولو بإلقاء الخلاف بينهم، فإن اتفاق الفقهاء على حكم - والحال هذه - يكشف عن إقرار المعصوم لهم فيما رأوه وتقريرهم على ما ذهبوا إليه، فيكون ذلك دليلا على أن ما اتفقوا عليه هو حكم الله واقعا.
وهذه الطريقة لا تتم إلا مع إحراز جميع شروط التقرير التي قد تقدم الكلام عليها في مبحث السنة (2). ومع إحراز جميع الشروط لا شك في استكشاف موافقة المعصوم، بل بيان الحكم من شخص واحد بمرأى ومسمع من المعصوم مع إمكان ردعه وسكوته عنه يكون سكوته تقريرا كاشفا عن موافقته. ولكن المهم أن يثبت لنا أن الإجماع في عصر الغيبة