نقله عن التفتازاني (1)، أو في معانيها المجازية كما نقله عن بعض الناس (2).
هذا، على أنه لا معنى للاستعمال إلا إرادة الإفهام كما بيناه سابقا، ومن الواضح أن المتكلم بالمثالين المتقدمين يريد إفهام مخاطبه معنى التقدم والتأخر للرجلين، واختلاف فعل اليدين.
وبالجملة فمرامه - طاب ثراه - في هذا المقام ملتبس علي جدا، وليس مثلي من يسرع في الاعتراض على مثله، وقد نقلت كلامه بنصه طمعا في أن يظهر للناظر الفطن في هذا الكتاب ما خفي علي من الصواب.
وأنت - رعاك الله - إذا راعيت الأصلين السابقين، وسرت على منهاجهما الواضح، رفعت لك أعلام الحقيقة، وظهر لك أن الحال في مركب المجاز كالحال في مفرده، وأن ألفاظه مستعملة ولم تستعمل إلا فيما وضعت له، وأن المتكلم به لا يريد بالإرادة الاستعمالية إلا إفهام المخاطب تلك المعاني الأصلية التي وضعت لها الألفاظ.
وأما إفهامه التردد في المثال الأول فهو الغرض الداعي إلى الاستعمال وإلى إفهامه هذه الجملة لا أنه المستعمل فيه، والبعد بين الغرض الداعي إلى التكلم وبين معنى الكلام بعد شاسع وشوط بطين (3)، فمن وعدك بجبة إذا دخل الشتاء، وبممطرة إذا مطرت السماء تقول له: جاء الشتاء وجادت السماء، وليس معنى هذين الإخبارين إنشاء: أعطني جبة وممطرة، بل تخبره بهما ليتذكر الوعد فينجزهما لك.
وإذا تأملت المحاورات العرفية ظهر لك أن الكثير منها - إن لم تكن الأكثر - من هذا النمط، بل ربما ترتبت الأغراض، وتسلسلت الدواعي، وتكثرت