في الفقه أيضا، لإطباقهم على كون المسألة لغوية فلا يطلب فيها الحكم الشرعي، والجواز بكل من المعنيين حكم شرعي.
مضافا إلى عدم مساعدة احتجاجات المجوزين والمانعين وسائر كلماتهم على إرادتهما، بل مساعدة الجميع على خلافها كما يظهر بالتأمل.
وقضية كونها لغوية كون المراد بهما الجواز اللغوي وعدمه، أعني رخصة الواضع في نحو هذا الاستعمال وكونه مرخصا فيه وعدمه فيكون غلطا، ويساعد عليه احتجاج جماعة من المانعين بقاعدة توقيفية اللغات، أو وحدانية وضع الألفاظ، ولكن يأباه احتجاج جملة منهم على المنع بلزوم التناقض في الإرادة كما ستعرفه، فإنه يقتضي المنع العقلي، ويلزم منه كون المراد بهما الجواز العقلي وعدمه أعني الإمكان والامتناع.
والإنصاف: إن مراد المجوزين من الجواز ما يتضمن الجواز العقلي واللغوي معا، أعني عدم امتناع نحو هذا الاستعمال وثبوت الرخصة فيه من أهل اللغة.
وأما المانعون فمنهم من يدعي المنع العقلي، ومنهم من يدعي المنع اللغوي بعد إنكارهم المنع العقلي.
وثاني أجزائه " الاستعمال " وقد ذكرنا في غير موضع أن الاستعمال استفعال من العمل، ويتضمن الطلب وهو فعل المتكلم، ومعناه: أن يطلب المتكلم من اللفظ العمل في المعنى، وعمل اللفظ فيه أن يفيده، فالاستعمال في محصل المعنى طلب المتكلم من اللفظ إفادة المعنى للسامع، وهو بهذا المعنى قد يتحقق بالنسبة إلى معنى واحد بعينه، بأن يطلب من المشترك مثلا إفادة واحد معين من معانيه، فينعقد به تكليف واحد مثلا إن كان ذلك المعنى من قبيل الحكم، كما في صيغة " إفعل " على القول باشتراكها بين الوجوب والندب، إذا أريد بها الوجوب فقط أو الندب كذلك، أو ينعقد به مكلف به واحد إذا كان المعنى من قبيل الموضوع، كما في قوله:
" إئتني بعين " إذا أريد به الإتيان بالفضة فقط.
وقد يفرض بالنسبة إلى معنيين من معانيه بعينهما، بأن يطلب منه إفادة هذا