تجردها عن القرينة، ولازمه اشتراط الطواف بالطهارة في المثال، أو مشتركة بين المعنيين فلا يحمل على أحدهما إلا بقرينة واضحة، ولازمه عدم اشتراطه بالطهارة.
واختلف في الترجيح، فعن جماعة منهم العلامة في التهذيب (1) ترجيح النقل، وعن آخرين منهم العلامة في النهاية (2) ترجيح الاشتراك، وليعلم أن الترجيح في هذه الصورة وغيرها مما كان ما هو من أحوال اللفظ طرفا للتعارض إما أن يناط بالأقربية والأبعدية بالنظر إلى حكمة الوضع، على معنى اختيار ما هو أقرب إليها على ما هو أبعد منها، أو بالأقربية والأبعدية بالنظر إلى غرض المتكلم وهو تفهيم حقيقة مراده من اللفظ وفهمه، على معنى اختيار ما هو أقرب إلى هذا الغرض على ما هو أبعد عنه، أو بالأقربية والأبعدية بالنظر إلى الوقوع الخارجي، على معنى اختيار ما هو أقرب إلى الوقوع على ما هو أبعد منه، أو بموافقة أصل من الأصول العدمية ومخالفته، على معنى ترجيح الموافق للأصل على مخالفه.
ولعله إلى الطريق الأول ينظر احتجاج الأولين لترجيح النقل: بأن الاشتراك لتعدد الحقيقة فيه موجب لاختلال الفهم بخلاف النقل، فإن الحقيقة فيه واحدة على كل حال فلا اختلال فيه، لوجوب حمل اللفظ على المنقول منه قبل النقل لأنه الحقيقة حينئذ، والمنقول إليه بعده لأنه الحقيقة حينئذ.
وملخصه: أن الاشتراك أبعد عن حكمة الوضع لما فيه بتعدد الحقيقة من اختلال فهم المعنى المراد، لأن اللفظ إن أخذ في الاستعمال بلا قرينة معينة فلا يحصل فهم المراد على التعيين، وإن أخذ مع القرينة فربما يغفل عنها السامع فلا يحصل الفهم أيضا، فيجب على الواضع الحكيم مراعاة لحكمة الوضع أن يختار النقل على الاشتراك في لفظ دار أمره في نظره أن يضعه لمعنيين ليكون مشتركا بينهما أو يضعه لمعنى ثم ينقله إلى آخر ليكون منقولا.