يلزم لو حمل اللفظ المقصود منه خلاف الظاهر على ظاهره، وهذا ليس بلازم لجواز الوقف، كما هو قضية عدم ثبوت حجية أصالة الحقيقة في نظر السامع، فإن غاية ما يستلزمه إنما هو الوقف عن الحمل، لا الحمل على المعنى الحقيقي الغير المراد من اللفظ بالفرض.
فيدفعه: أن قبح الإغراء بالجهل على الحكيم إنما هو من جهة قبح نقض الغرض، فإن إيراد الكلام المقصود به الإفهام على وجه لا يحصل منه فهم المعنى المقصود إفهامه نقض للغرض، وهذا لا يتفاوت في لزومه بين الوقف والحمل على المعنى الغير المقصود.
ويدل عليه أيضا، قوله تعالى: (وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم) (1) فإن اللسان أريد منه اللغة مجازا، تسمية للشيء باسم آلته وهو مجاز شائع، واللغة مشتملة على مواد وهيئآت مفردة وهيئآت مركبة، وأحوال عامة من العمل على أصالة الحقيقة، وأصالة عدم القرينة، وأصالة عدم الإضمار، وغير ذلك من الأصول اللفظية التي استقر طريقة قوم كل رسول على العمل بها والتعويل عليها، وإرسال كل رسول بلغة قومه إمضاء للغة القوم بجميع الجهات المذكورة، ولولا الجهات المذكورة بأجمعها من أصل اللغة لما ساغ إمضاؤها، ولا يعنى من الحجية إلا هذا.
وبما قررناه في وجه الاستدلال يندفع ما عساه يورد: من أن الاستدلال بالآية إن أريد به إثبات صغرى، وهو كون طريقة كل قوم حمل ألفاظ لغتهم على حقائقها تعويلا على الأصل بمعنى ظهور الحقيقة، فالآية قاصرة عن إفادة ذلك كما هو واضح، وإن أريد به إثبات كبرى لهذه الصغرى وهي حجية هذه الطريقة، فمرجعه إلى إثبات حجية طريقة العقلاء في العمل بأصالة الحقيقة، وهو ليس من إثبات حجية أصالة الحقيقة كما هو المبحوث عنه، فإن حجية طريقة العقلاء في