ودعوى ظهور الفائدة المذكورة بين الفوائد عند الدوران بينها مما لم يؤخذ في الاحتجاج المذكور، مضافا إلى عدم قيام دليل عليه، على أنه لو سلم ذلك فإنه يسلم مجرد الأظهرية في الجملة ولا يبلغ حد الدلالة بحيث يوجب صرف اللفظ إليه عرفا فأقصاه الإشعار حسب ما قدمنا، وأين ذلك من المدعى؟
ويمكن تنزيل كلام المجيب على ذلك، فليس مقصوده تسليم ما ذكره المعترض من الشرط والقول بحصول ذلك الشرط في جميع الموارد حتى يرد عليه أن الشرط المذكور هو الظهور دون مجرد الاحتمال، بل أضرب عما ذكره، حيث إن الاشتراط المذكور لا ربط له بدفع الاعتراض.
فتبين أن المدعى عدم وجدان صورة لا يحتمل فائدة من تلك الفوائد، ومجرد الاحتمال المذكور كاف في الاستغناء عن خصوص الفائدة المذكورة، ويحصل به الصون عن لزوم اللغو، وإن لم يكن تلك الفائدة ظاهرة فالفائدة المفروضة وإن لم تكن متحقق الحصول أيضا إلا أن مجرد احتمالها في المقام كاف في دفع الحكم بغيرها لدفع محذور اللغوية فيحتاج إذا إثبات ما سواه إلى قيام دليل آخر.
قوله: * (وإنما هو كونه بيانا للواضحات) *.
فيه: أنه لو كان السبب ذلك لجرى مع انتفاء التقييد، وليس كذلك، فلو كان الاستهجان المذكور من الجهة المذكورة لكان قوله: " الانسان لا يعلم الغيب " مثله في الاستهجان وليس كذلك قطعا، فإن الحكم المذكور وإن لم يخل عن غضاضة توضيح الواضح إلا أن في صورة التقييد غضاضة أخرى أعظم منها ويعد الكلام من جهتها مستهجنا عرفا، كما لا يخفى.
ثم إن للقول المذكور حججا أخرى لا بأس بالإشارة إليها.
منها: أن أبا عبيدة القاسم بن سلام من أجلاء أهل اللغة وقد قال بدلالة المفهوم في المقام، حيث ذكر في بيان قوله (عليه السلام): " لي الواجد يحل عقوبته وعرضه " أنه أراد به أن من ليس بواجد لا يحل عرضه ولا عقوبته. وقال في قوله (عليه السلام):
" مطل الغني ظلم " أن مطل غير الغني ليس بظلم. وقال في قوله (عليه السلام): " لئن يمتلئ