يحصل في الأخبار أيضا، فإنه لو قال القائل: " الفقهاء الشافعية فضلاء أئمة " فإن سامعه من فقهاء الحنفية وغيرهم تشمئز نفسه عن ذلك ويكره من سماعه، وهو دليل على فهم التخصيص، غاية الأمر عدم انفهام ذلك في المثال المذكور، وهو لا يدل على عدم دلالته على الانتفاء في الأخبار مطلقا.
ومنها: أن التقييد بالوصف قد يكون مع انتفاء الحكم بانتفائه، وقد يكون مع ثبوته، كما في قوله تعالى: * (ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق) * (1)، فلو كان حقيقة فيها معا لزم الاشتراك، ولو كان حقيقة في أحدهما لزم المجاز، فالأصل أن يكون حقيقة في القدر الجامع بينهما، حذرا من الاشتراك والمجاز.
وفيه: أن ذلك إن تم فإنما يتم في نفي الدلالة الوضعية، وقد عرفت وهنها جدا في المقام، بل لا يبعد خروجها عن محل النزاع، كما مرت الإشارة إليه. وأما الدلالة الحاصلة من جهة استظهار ذلك من التعليق على الوصف وتقييد الحكم به - على حسب ما مر - فلا يصح رفعها بذلك، إذ لا تجوز أيضا على القول المذكور في شئ من الوجهين.
ومنها: أنه لو دل على ذلك لما حسن الاستفهام عن نفي الحكم عند انتفاء الصفة أو عند إثباته، والتالي ظاهر الفساد، والملازمة ظاهرة، فإن ما دل عليه الكلام لا يحسن السؤال عنه. ألا ترى أنه لو قيل: " لا تقل أف لفلان لا يحسن أن يسأل عنه " أنه هل يجوز ضربه أو شتمه؟
ويدفعه: أن الاستفهام إنما يحسن مع قيام الاحتمال، سواء كان اللفظ ظاهرا فيه أو كان مجملا، وإنما لا يحسن مع صراحته وغاية ظهوره كما في المثال المذكور.
ومنها: أنه لو دل على المفهوم لكان قوله: " أد زكاة السائمة والمعلوفة " و " أحسن إلى المحتاج والغني " متهافتا متناقضا لمكان دلالة المفهوم.
ويدفعه: ما عرفت من الفرق البين في ذلك بين النص والظاهر، إذ لا مانع من